في ضربة موجعة للعلمانيين ، وانتصار جديد لإسلاميي تركيا ، تمكن حزب العدالة والتنمية الحاكم من تمرير جملة من الاصلاحات الدستورية التي تقدم بها للبرلمان ، تمهيدا لفتح الباب لتنظيم استفتاء للموافقة بشكل نهائي عليها. وتتضمن جملة الإصلاحات 26 مادة أساسية و3 مواد مؤقتة بعد سقوط المادة الخاصة بتشديد القيود علي إغلاق الأحزاب السياسية عن طريق القضاء لحصولها علي 327 صوتا فقط.
ووصفت شبكة "يورو نيوز" الإخبارية التعديلات المقدمة بأنها تهدف إلى الحد من صلاحيات المعسكر العلماني والجيش، وتمكين الحكومة الإسلامية المحافظة في تركيا من صلاحيات أكبر عبر إعادة هيكلة المجلس الذي يتولى تعيين القضاة .
وأوضحت أن حكومة رجب طيب أردوغان ، تعتبر هذا التعديل ضروريا للاستجابة إلى معايير الاتحاد الأوروبي الذي تسعى أنقرة إلى الانضمام إليه.
ويقول أردوجان إن تعديل الدستور الذي وضع بعد انقلاب عسكري عام 1980 ضروري للوفاء بمعايير الاتحاد الأوروبي ولتعميق الديمقراطية، بينما تقول أحزاب المعارضة التركية إن التعديلات ستقوض المبادئ العلمانية لتركيا.
وذكر موقع "محيط" إنه برغم أن حزمة التعديلات لم تحصل علي دعم أكثرية الثلثين (367 نائبا) الضرورية لإقرارها من دون استفتاء ، إلا أن مجرد الموافقة عليه تعجل بإضعاف آخر قلاع العلمانية الحصينة المتمثلة في القضاء والجيش .
وتوصل الحزب الحاكم إلي إقرار الحزمة بعد 19 يوما من التصويت في جولتين عقدتا بفاصل زمني 48 ساعة ، كما يقضي القانون بذلك، وتهدف الحزمة إلي الحد من صلاحيات بعض الهيئات القضائية مثل المحكمة الدستورية والمجلس الأعلي للقضاة والمدعين العامين، والجيش عن طرق فتح الطريق لمحاكمة العسكريين أمام المحاكم المدنية، والطعن علي قرارات مجلس الشوري العسكري، وإقرار مبدأ محاكمة رئيس البرلمان ورئيس أركان الجيش وكبار القادة العسكريين عن طريق محكمة الديوان العليا المكونة من قضاة المحكمة الدستورية، وإلغاء المادة المؤقتة رقم 15 من الدستور التركي التي كانت تمنع محاكمة قادة انقلاب 12 سبتمبر من عام 1980 وأعضاء مجلس الأمن القومي من العسكريين وأعضاء الحكومة.
ولأن الحكومة التركية لا تتمتع بأغلبية الثلثين الضرورية في البرلمان للمصادقة بشكل نهائي على المشروع ، لذلك توجب تنظيم استفتاء لتمرير حزمة التعديلات، بعد أن وافق 336 نائبا من أصل 550 أي أقل من نسبة الثلثين الضرورية من الأصوات لتمريره بشكل نهائي ، وتلقائي.
وعقب المصادقة على التعديلات في البرلمان، من المقرر أن يوقع الرئيس عبد الله جول على المشروع، وبهذا يصبح من الممكن إقامة الاستفتاء خلال 60 يوما.
وكان رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوجان قال الخميس (6 مايو 2010)، وقبل التصويت :"الإصلاح سيخضع لاستفتاء في حال لم يحصل على غالبية الثلثين" ، مشيرا إلى أنه تم بالفعل التحضير لاجراء هذا الاستفتاء.
ومن جانبه ، قال دنيز بيكال زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض إنه سيستأنف القرار أمام المحكمة الدستورية لعرقلة الاستفتاء الذي يرى أنه سيعزز من قبضة حزب العدالة والتنمية على السلطة.
وكان بايكال وأعضاء آخرون في المؤسسة العلمانية التركية انتقدوا التعديلات متهمين حكومة أردوجان بالسعي إلى تقويض استقلال القضاء، وتوطيد سلطاتها.