تحقيق وتصوير: عبدالرحمن سعد: خلف أرقي مؤسسات الدولة (المحكمة الدستورية العليا).. في أرقي بقعة بالعاصمة( شاطئ النيل بالمعادي)..تحت سمع وبصر مسئولي قسم الشرطة الذي يقع علي بعد خطوات، والشرطة العسكرية التي لم تحرك ساكنا.. تجري حاليا فصول جريمة بشعة تتمثل في اغتيال أراضي طرح النهر، والرئة الخضراء التي يتنفس من خلالها المواطنون.
سكان المنطقة تقدموا بأكثر من عشرين بلاغا للمسئولين في المجلس العسكري، ورئاسة الوزراء (السابقة والحالية)، ومحافظة القاهرة، ووزارة الداخلية، والنيابة العامة، ووجهوا استغاثة مكتوبة إلي المجلس، يحدوهم الأمل في سرعة التحرك لتنفيذ قرارات الإزالة الصادرة بحق هذه العمارات.
الأرض مسجلة في مصلحة الأملاك الأميرية، ومساحتها أكثر من36 فدانا، ومستزرعة من قبل حائزي الأرض بوضع اليد المؤقت، وتسمي أرض حوض الجزيرة، وهي من أجود الأراضي الزراعية، ويتم اقتطاع أجزاء منها يوما بعد يوم في صمت، وقد تزايدت وتيرة البناء المخالف فيها بشكل مضطرد بعد ثورة25 يناير.
مسيرة التلاعب
بدأ التلاعب بالأرض في عهد رئيس الوزراء الأسبق المسجون حاليا عاطف عبيد، إذ قام ببيع نحو خمسة أو ستة فدادين من تلك الأراضي إلي صناعات الغانم( رجل الأعمال الكويتي)، التي وضعت لافتة علي الكورنيش تقول: بأرض ملك مجموعة صناعات الغانم.
لكن أباطرة الأراضي وضعوا إلي جوارها لافتة أخري تقول: أرض ملك ورثة السيدة لبيبة حسين أحمد والمرحوم: زيوسف سليمان حسن. وفي الخلفية بدأوا في اقتطاع الأطراف الخلفية من الأرض التي تطل علي شارع مصر حلوان الزراعي، علي بعد خطوات من قسم دار السلام التابعة له، وقاموا بالبناء العشوائي عليها، دون تراخيص أو مراعاة لأسس البناء، فغرقت الأدوار الأولي في المياه الجوفية، لكنهم أخفوها عن الأعين ببوابات سميكة للمحال.
والعجيب أن أحد المخالفين يقوم بالبناء حاليا علي أساس تم تكسيره من قبل، إذ يقيم أعمدة خرسانية علي هذا الأساس المكسور ضاربا عرض الحائط بأرواح من سيقطنونه!
ودخلت شركة المعادي للتنمية والتعميرس التابعة للشركة القومية للتشييد والتعمير) علي الخط، وتقدمت ببلاغات تؤكد ملكيتها لقطعة الأرض التي تقدر قيمتها بنحو مليار جنيه، وحركت دعاوي قضائية ضد واضعي اليد لإثبات أنها تملكها، في وقت حطم فيه هؤلاء لافتة للشركة، ومن ثم نشرت تحذيرا في الصحف يقول إنها المالك الوحيد لقطعة الأرض الكائنة بحوض الجزيرة1( جزاير فصل ثان)، بحري مستشفي القوات المسلحة، بالعقدين رقمي(1908/10497) و(1945/12250 جيزة).
وحذرت من أن أي تعامل علي الأرض أو أي جزء منها يعد باطلا، فضلا عن مساءلة صاحبه. وأهابت بالجهات المسئولة، عدم التعامل مع المعتدين بأي صورة، حماية للمال العام.
وكان المحافظ الأسبق (عبدالعظيم وزير) قام بإزالة28 عقارا في المنطقة، منعا لإقامة بؤر عشوائية خرسانية علي أرض زراعية تملكها الدولة، نظرا لما تمثله من صعوبة توفير طرق داخلية، وتأثيرها السلبي علي المرافق، وشبكات المياه والصرف الصحي، كما قيل وقتها.
لرصد الحقيقة
كي يتمكن المحرر من تصوير الأعمال المخالفة، استعان بأحد الأهالي، وقال إنه يبحث عن شقة للتمليك، فعرض عليه أحد السماسرة في العمارات المخالفة شقة بنحو300 ألف جنيه علي المحارة. وكشف عن أن هناك لواء جيش، ورئيس نيابة بين الجيران!
وبحسبة بسيطة لعشرة أدوار في أربع شقق( بكل طابق) يبلغ إجمالي ما تحصل عليه مافيا الأراضي عن العمارة المخالفة نحو12 مليون جنيه، بينما لن تكلفه أكثر من نصف مليون جنيه!
ولنا أن نتخيل أن نحو عشر عمارات يتم إنشاؤها حاليا بالمنطقة سيجني تجار الأراضي من ورائها أكثر من مائة مليون جنيه; كانت الدولة أولي بها من هؤلاء الحيتان.
موقف الحي
بمواجهة "تحقيقات الأهرام" لإبراهيم صابر، رئيس حي دار السلام الذي تتبعه قطعة الأرض; قال إن مساحتها تبلغ نحو36 فدانا، وكانت مزروعة بالخضراوات، وتسمي الجزيرة نظرا لوقوعها بين النيل وشارع مصر حلوان الزراعي، كما أن شركة الغانم الكويتية تمتلك جزءا منها، لكن لا ندري سند ملكيتها!
تحرك الأهالي
ولتقنين تحركهم، شكل سكان المنطقة لجنة من بعض المهندسين; كشفت عن أن الأبراج الجاري إنشاؤها تحتوي علي مخالفات هندسية جسيمة، تنذر بوقوع كوارث، وتهدد سلامة العقارات المأهولة بالسكان; المبنية بالمنطقة.
وتقدموا باستغاثة إلي المجلس الأعلي للقوات المسلحة، قالوا فيها إنهم تقدموا ابالعديد من الشكاوي، من استيلاء بعض المواطنين علي تلك الأراضي ملك الدولة، وقيامهم ببناء عمارات مخالفة، بدون ترخيص فوقها، وانتظرنا كثيرا حتي تتم الإزالة إلا أنه لا مجيب، علما بأن عمليات البناء قد استفحلت.
وتم تحرير محاضر كثيرة للتعديات بالمنطقة، منها أرقام:10377، و2583، و11219، و11261; كما صدر قرار الإزالة رقم2001/337، ومحضر إزالة رقم10963، ومحضر تجريف رقم8/1/26078، ومحضرين في وزارة الزراعة برقمي416 و418، علاوة علي طلب وارد2089، وقرار المحافظ الأسبق بالإزالة رقم1/9/82، علاوة علي محضر شرطة المسطحات المائية رقم8/1/26078 البساتين.
الأهالي يحملون في بلاغاتهم مسئولية انهيار هذه العقارات علي قاطنيها لجميع المسئولين. ويتساءلون: فهل لنا ان نطمع في اقل حقوقنا،وهو العيش في مكان آمن، وأن تقوم قوات الجيش برد أرض الدوله للدولة، وإيقاف بناء منطقة عشوائية جديدة من التعديات السكنية علي أراضي الدولة؟.
المصدر: تحقيقات الأهرام
http://www.ahram.org.eg/Investigations/News/135549.aspx
التاريخ: الأربعاء 14من ربيع الاخر 1433 هـ 7 مارس 2012 السنة 136العدد 45747