حذر الدكتور عبد المجيد النجار الأمين العام للمجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث من ممارسات العلمانيين وأصحاب الأقلام المأجورة الذين يعملون على هدم الدين الإسلامي من خلال تخويف الناس من الدولة الدينية، موضحا أن الإسلام لا يعترف بالدولة الدينية إذ إنه دين العالمين الذي جعله الله منهاجا لصلاح كل شيء.
وأوضح -خلال جلسات اليوم الثالث للملتقى الخامس لرابطة خريجي الأزهر- أن الدولة الدينية معناها الحقيقي هو الدولة الكنسية والبابوية التي تقوم على الابتزاز من خلال احتكار الكنيسة لإصدار القرارات السياسية، وتكبيل العقول بقيود الوحي المزعوم ، وهيمنتها على الأمور العقائدية، والسيطرة عليها باسم المسيح.
وتابع أن تفصيل ذلك هو أن المسيحية كدين تجعل للكنيسة وظيفةً معينةً في صلب الديانة المسيحية، وهو ما يعرف "بالخدمة الدينية"، وقد حدث في التاريخ الأوروبي أن أصبحت الكنيسة سلطةً لا روحيةً فحسب، ولكن مدنية كذلك، تتولى تتويج الأباطرة، وتسيطر على أملاك ضخمة معفاة من الضريبة، وتُصدِرُ قرارات الحرمان وصكوك الغفران.
ولفت إلى أنه حين أرادت الحكومات أن تتخلَّص من سلطة الكنيسة نادت بفصل الدين عن الدولة؛ أي فصل الإدارة الحكومية عن الإدارة الكنسية، وكان لهذا التعبير مدلوله الواقعي؛ لأن الكنيسة منظمة دينية، وجزء من صلب المسيحية كديانة، منبها إلى أن الإسلام لا توجد به كنيسة، ولا يوجد به (أكليروس)، ولا وساطة هنالك بين الله والناس، كما أنه لا توجد هيئة معينة تتولَّى الطقوس الدينية، التي بدونها لا تقام هذه الطقوس.
وشدد على أن دعوة بعض المخربين من الذين ينادون بفصل الدين عن الدولة قولهم مردود عليهم خاصة أن الإسلام قد تولَّى تنظيم المجتمع بتشريعات وقوانين معينة ، ثم وضع مبادئ عامة لتُصاغ في ظلها القوانين والتشريعات التي لم يتضمَّنها نصها؛ لأن المجتمع لم يكن في حاجة إليها حينذاك، وهذه المبادئ العامة كهذه القوانين والتشريعات هي قوام العقيدة الإسلامية، ولا توجد عقيدة بدونها، كما أن هذه المبادئ العامة هي الضمانة لتلبية حاجة المجتمع المتجددة إلى تشريعات جديدة في ظل العقيدة الإسلامية، حتى يظل المجتمع ناميًا متجددًا، وهو في الوقت ذاته مجتمع مسلم محكوم بقوانين إسلامية.
وأكد أنه لا محيص إذن من تنفيذ الشريعة الإسلامية بمبادئها العامة كمصدر لكل تشريع جديد يحتاج إليه المجتمع المتجدد، خاصة أن الإسلام هو دين العالمية الصالح لكل زمان وكل مكان.
وحذر من أن الفقه السياسي أصبح أضعف حلقات الفقه الإسلامي في العصر الحديث، موضحا أن السبب في ذلك يرجع إلى تبعية علماء الدول الإسلامية إلى الحكام والأنظمة السياسية الحاكمة.
موقع محيط ـ محمد كمال / 11 - 5 - 2010 .