1026538   عدد الزوار
Loading...
me@arsaad.com
 |   |   |   |   |   | 
 
  ***  اغتيـال بحيرة: دماء علـى ميـاه "المـنزلة"..التحقيق الفائز بجائزة التفوق الصحفي ج:1   ***  مغامـرة صحفيــة في أنفاق غزة   ***  الحُلم الإسلامي في "إيمانيات الدولة من وحي الثورة"   ***  حاجتنا إلى آداب سورة "الآداب"   ***  جريمة خلف المحكمة الدستورية‏   ***  عندما تذوب المسئولية
 
دراسات وتحليلات
الشريعة الإسلامية تحمي المسيحيين من جور القوانين
12/06/2010

صدور أحكام القضاء الإداري التي تلزم الكنيسة الأرثوذكسية بإصدار تصاريح زواج للمطلقين، تفتح الباب أمام عدة مشكلات دفعة واحدة، فالكنيسة الأرثوذكسية، شأنها شأن كل الكنائس، لا يمكنها أن تحكم إلا بحكم الإنجيل، وقد صدق قداسة البابا شنودة الثالث، عندما أكد أنه ملتزم بحكم الإنجيل، وليس بحكم القضاء. فهو يمثل رأس الكنيسة، والتي تمثل المؤسسة الدينية المسيحية.
ولا يمكن لرأس الكنيسة وقائدها أن يحكم بما يخالف أحكام الإنجيل، في حين أن الكنيسة تعلم الشعب المسيحي التمسك بتعاليم وأحكام الإنجيل. ومؤسسة الكنيسة هي صاحبة الحق في تحديد العقيدة الصحيحة والحكم الصحيح، من خلال مجمعها الأعلي، وهو المجمع المقدس في الكنيسة الأرثوذكسية. والكنيسة تمثل مؤسسة دينية، ولها سلطة دينية، لأنها هي التي تحدد العقيدة الصحيحة، وتحدد من ينتمي لتلك العقيدة، ويصبح عضوا في الكنيسة بحكم التزامه بتعاليمها.
ومشكلة لائحة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس، نتجت من صدور تلك اللائحة عام 1938، من جهة ليست صاحبة الحق في تحديد حكم الإنجيل الصحيح، وهي المجلس الملي العام، فهذا المجلس يمثل سلطة إدارية ومالية فقط، ولا يمثل سلطة دينية، حيث يمثل المجمع المقدس السلطة الدينية المعنية بتحديد العقيدة الصحيحة وأحكام الإنجيل في الزواج والطلاق. وقد صدرت اللائحة من المجلس الملي وتم اعتمادها من قبل الدولة، نظرا لانحياز الدولة إلي المجلس الملي في صراعه أو خلافه مع المجمع المقدس.
فقد كانت الدولة ورجال السياسة الأقباط وبعض الأحزاب السياسية في ذلك الوقت، تدعم المجلس الملي في مواجهة رجال الدين الأرثوذكس، وفي مواجهة المجمع المقدس. وأكثر من هذا، كان تأسيس المجلس الملي العام، باقتراح من أعيان الأقباط ودعم من الدولة، فلم يكن هذا المجلس ضمن التشكيل الإداري التاريخي للكنيسة. وقد رأي بعض كبار القبط، أن الكنيسة في ذلك الوقت تشهد حالة تراجع، لذا فرضوا عليها بدعم الدولة تشكيل المجلس الملي، ليتم من خلاله تحديث الكنيسة كمؤسسة. ولكن تظل سلطة تحديد حكم الإنجيل في قضايا الأحوال الشخصية، هي سلطة المجمع المقدس. لذا لم يوافق المجمع المقدس علي لائحة 1938، وظل رجال الدين الأرثوذكس، يرفضون تلك اللائحة، حتي جاء البابا شنودة الثالث وأعلن عدم التزامه بها، منذ توليه الكرسي البابوي.
وقد طالب البابا الدولة بتغيير اللائحة، وقدم لائحة جديدة، ومعتمدة من قبل المجمع المقدس، وكان علي الدولة أن تلتزم باعتماد اللائحة الجديدة، لأنها صادرة عن الجهة التي خولت بالمسئولية عن الحياة الدينية والأسرية للأقباط. ولا يمكن رفض طلب الكنيسة، لأنه من الطبيعي أن تتغير الظروف، بما يحتاج إلي تغيير لائحة الأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس، مثل غيرها من القوانين واللوائح، إضافة إلي مشكلة تلك اللائحة، لأنها صادرة عن جهة ليست لها السلطة لتحديد وإقرار حكم الإنجيل في الأحوال الشخصية، أي المجلس المحلي العام، والمشكل من أعضاء ليسوا من رجال الدين، وسلطة تحديد العقيدة وأحكام الإنجيل هي لرجال الدين في المسيحية.
وصحيح ما قاله قداسة البابا شنودة الثالث، أن المحكمة لم تحكم بالشريعة الإسلامية، وحكمت طبقا للقانون، ولكن المحكمة وضعت في مأزق، فقد حكمت باللائحة المعتمدة من السلطة السياسية والصادرة عن الكنيسة، وهي بذلك تعتبر لائحة تنفذ حكم الشريعة الإسلامية، والقاضي بأن يحتكم المسيحي واليهودي في الأحوال الشخصية لعقيدته. ولكن السلطة الحاكمة هي التي لم تنفذ أحكام الشريعة الإسلامية، عندما منعت الكنيسة من تعديل لائحة الأحوال الشخصية، وصادرت حقها في تعديل اللائحة حسب الظروف والمتغيرات، وكأنها جعلت اللائحة حالة ثابتة غير قابلة للتغيير، وهو أمر يتناقض مع ضرورة الاجتهاد وتعديل القوانين حسب الزمان والمكان، بجانب أن هذه اللائحة صدرت عن جهة ليس لها الحق في إصدارها.
أما من قال إن الحل يتمثل في قانون مدني للأحوال الشخصية، فمعني هذا اللجوء إلي المرجعية العلمانية، وتحييد دور الدين في تشكيل الأسرة، وهو ما يؤدي إلي تفكيك الأساس الديني للأسرة، بما يؤدي إلي تفكيك الجماعة المسيحية، أي جماعة المؤمنين، وبالتالي يؤدي هذا إلي تفكيك الكنيسة نفسها، كما قال قداسة البابا شنودة الثالث بحق.
كما أن اللجوء إلي قانون موحد للأحوال الشخصية، يعني غلبة المبادئ التي تتوافق عليها الأغلبية، بما يحرم المسيحيين من خصوصية قوانينهم الخاصة بالأحوال الشخصية، ويصبح القانون المطبق أقرب إلي قوانين الأحوال الشخصية للمسلمين. والقانون المدني غير الديني في كل الأحوال، لن يلتزم بأي مرجعية إسلامية أو مسيحية، وسيجعل الأسرة تفقد أساسها الديني.
ويلاحظ أن للكنيسة ولاية علي الأقباط في أمورهم الشخصية، وهذه الولاية لم تنقطع بعد إلغاء المحاكم الشرعية في بداية الخمسينيات، والتي مثلت واحدة من القرارات العلمانية لنظام حكم عبد الناصر، ولكن أحيلت تلك الولاية إلي القضاء في المنازعات، وظلت الولاية للكنيسة في عقد مواثيق الزواج، وفي تحديد قوانين الأحوال الشخصية.
والشريعة الإسلامية أعطت الحق للكنيسة في وضع تشريع الأحوال الشخصية للمسيحيين، ثم تعتمده الدولة، ومعني هذا أن المجلس التشريعي ليس له ولاية علي تشريعات الأحوال الشخصية للأقباط، وهو أمر يتعارض مع كل أسس النظام العلماني، فالشريعة الإسلامية، هي الشريعة الوحيدة التي تسمح بالتعدد القانوني في الأحوال الشخصية، حفاظا علي عقيدتي المسيحي واليهودي، وحتي يحتكم كل منهما إلي عقيدته، ولا يتعارض معها في أحواله الشخصية.
وبهذا أصبح التزام المسيحي واليهودي بشريعتهما، واجبًا والتزامًا وحقًا طبقا للشريعة الإسلامية. لهذا أصبحت الكنيسة تمثل جهة التشريع وجهة التنفيذ، فيما يخص الأحوال الشخصية للمسيحيين، طبقا للشريعة الإسلامية.
وهنا تظهر الأزمة العميقة، فالشريعة الإسلامية هي التي تعطي للكنيسة ولاية في الأحوال الشخصية للمسيحيين، وهي التي تمنحها الحق في التشريع في الأحوال الشخصية، وتلزم الدولة والنظام السياسي بما يصدر عن الكنيسة في هذا الشأن.
كما أن الشريعة الإسلامية هي التي تمنع ازدراء الأديان، وبالتالي تمنع ازدراء الإسلام والمسيحية. وعندما تعمل الكنيسة وأيضا بعض الأقباط علي منع أي عمل يهاجم المسيحية، تقوم بذلك تحت مظلة الشريعة الإسلامية.
لذا فالشريعة الإسلامية هي التي تحفظ للكنيسة والجماعة المسيحية خصوصيتها، وتحفظ لها حقها في تطبيق شريعتها في الأحوال الشخصية، وتحفظ لها حماية مقدساتها ورموزها.
ولكن الموقف العام داخل الكنيسة وداخل الجماعة المسيحية، أصابه قدر من الخوف من الشريعة الإسلامية، يصل إلي حد مهاجمة الشريعة الإسلامية، والمناداة بإلغاء المادة الثانية من الدستور والتي تقول بأن دين الدولة الإسلام والشريعة المصدر الرئيس للتشريع.
وهنا يبدو المأزق، عندما تتزايد موجات الخوف من الشريعة الإسلامية لدي الجماعة المسيحية، وفي نفس الوقت، لا تجد تلك الجماعة أو كنيستها إلا الشريعة الإسلامية لتحتمي بها في مواجهة المخاطر التي يمكن أن تتعرض لها، ولن تجد الكنيسة إلا الشريعة الإسلامية لتحميها من توجهات الدولة أو النظام السياسي أو النخب العلمانية، عندما تتجاوز دور الكنيسة،  وتحاول الحد من دورها داخل الجماعة المسيحية.
تلك الأزمة تكشف عن أن الملاذ التاريخي الذي حمي الكنيسة وحمي الجماعة المسيحية، كان هو الشريعة الإسلامية، كما تكشف تلك الأزمة عن أن سيادة مرجعية غير دينية في المجال العام، تؤدي إلي توسع تلك المرجعية ضد دور الدين في حياة الأغلبية المسلمة والأقلية العددية المسيحية. فما يحمي دور الدين لدي المسلمين، هو الذي يحمي دور الدين لدي المسيحيين، وهو موجود في المادة الثانية من الدستور.

تعليقات القراء
Valan
I appicerate you taking to time to contribute That's very helpful.
    
Yasintan
It's about time somoene wrote about this. http://hvhgmnzqwgs.com [url=http://lwazaaulr.com]lwazaaulr[/url] [link=http://ntggkm.com]ntggkm[/link]
    
Jetson
Do not make the mistake of thinking that if QuotesChimp are healthy today you will be healthy tomorrow. Even if you are seemingly healthy, you could incur an unexpected medical condition, surgery, or hospital stay at any time. By the time this unexpected condition arises, it will be too late to secure health insurance.
    
الإسم
البريد الالكترونى
التعليق
 
     ما رأيك فى شكل الموقع ؟
  
هذا الموقع يعبر عن الآراء والأفكار الخاصة بصاحبه ولا ينحاز لأى فئة أو هيئة أو مؤسسة
جميع حقوق النشر محفوظة للكاتب الصحفى عبد الرحمن سعد