1026611   عدد الزوار
Loading...
me@arsaad.com
 |   |   |   |   |   | 
 
  ***  اغتيـال بحيرة: دماء علـى ميـاه "المـنزلة"..التحقيق الفائز بجائزة التفوق الصحفي ج:1   ***  مغامـرة صحفيــة في أنفاق غزة   ***  الحُلم الإسلامي في "إيمانيات الدولة من وحي الثورة"   ***  حاجتنا إلى آداب سورة "الآداب"   ***  جريمة خلف المحكمة الدستورية‏   ***  عندما تذوب المسئولية
 
إعلام وصحافة
تجاوز لا يليق
12/06/2010


 أن يختلف المرء مع بعض المواقف التى تعبر عنها صحف «الموالاة» الخاضعة لتوجيه السلطة. فذلك أمر مفهوم ومتوقع لكن أن يستشعر المرء خجلا مما تنشره تلك الصحف، فذلك مما يصعب تصوره، ليس فقط لما يعبر عنه من تجاوز لا يليق، ولكن أيضا لأنه يشكل إهانة للبلد الذى يفترض أنه ينطق باسمه.

هذه المواد «المخجلة» تنشرها بعض صحفنا القومية كلما حدث خلاف من أى نوع ــ سياسيا أو غير سياسى ــ مع أى دولة عربية. وأقل ما توصف به أنها تدهش قراءها خارج مصر، كما أنها تشعر المصريين بالخزى والعار.

المفاجأة هذه المرة مضاعفة، ذلك أن الطرف الآخر الذى تعرض فى الأسبوع الماضى للتشويه والغمز واللمز لم يكن على خلاف مع مصر، بل إن التصريحات الرسمية، التى صدرت على لسان وزير الخارجية مثلا، تحدثت عن ذلك الطرف الذى هو تركيا بعبارات مسكونة بالود والترحيب، الأمر الذى يثير أكثر من تساؤل عن الجهة فى السلطة صاحبة المصلحة فى ذلك التوجيه، وعن هدفها من ذلك.

كنت قد أشرت فى الأسبوع الماضى إلى حملة التجريح تلك حين كانت فى بداياتها، وتزامنت مع بروز الدور التركى فى موضوع قافلة الحرية مما سبب حرجا لمصر، وقلت إن خطاب الغيورين والمخلصين ينبغى أن يتجه إلى استنهاض الدور المصرى وليس الانتقاص من الدور التركى.

لم تكد تمر أيام على نشر هذا الكلام حتى خرجت علينا واحدة من تلك الصحف «الاثنين 7 يونيو» بتقريرين تصدرا صفحتها الأولى، أحدهما يخص مصر تحت عنوان يقول: تكدير السفير الإسرائيلى فى القاهرة. أما مضمون التقرير فهو بمثابة استعراض لرد فعل الخارجية المصرية على تصريحات أدلى بها المذكور لوكالة «فرانس برس»، وقال فيها إنه حين استدعى إلى الخارجية المصرية بعد حادث الانقضاض على السفية «مرمرة»، فإنه شرح موقف بلاده مما جرى، وأن المسئولين الذين التقاهم «تفهموا» ذلك الموقف. وقال التقرير المنشور إن السفير الإسرائيلى تعرض للتوبيخ والتحذير والتكدير الدبلوماسى، وأنه تلقى «دشا» باردا أثناء اللقاء.

وأبلغ باستياء مصر الشديد مما قاله، لأنه يسىء إلى موقفها. بما يعنى أن الرجل تلقى «علقة» ساخنة فى مقر الخارجية المصرية، وهو أمر يسرنا لا ريب، إذا صح الكلام المنشور، الذى لم نتعود على لغته فى التعامل بين البلدين.

لم يكن النفخ فى الاحتجاج المصرى وحده المقصود من الكلام. لأن الصحيفة نشرت تحت التقرير الأول مباشرة ــ لداعى المقارنة ــ ما أسمته «المكالمة الهاتفية التى أطاحت بالكبرياء التركى»، وتضمن ذلك التقرير الثانى نص المكالمة الهاتفية التى سربتها إسرائيل، وجرت مؤخرا بين وزير الخارجية التركى ووزير الدفاع الإسرائيلى، ووصفت الصحيفة المكالمة بأنها تضمنت «انتقاصا كبيرا من الكبرياء التركى» وصل إلى حد الاستجداء لنقل المصابين إلى تركيا، كما أنها احتوت على سقطة تركية غيرة مبررة من الدكتور أحمد داود أوغلو، أما ذلك النص «المشين» فكان كالتالي:

باراك: وقع هجوم على جنودنا وجرحوا بالسيوف وتم الاستيلاء على أسلحة جنودنا واستخدامها ضدهم.

أوغلو: ننتظر منك الاعتذار لقد اقترفتم جريمة دولية وعليكم أن «تسمحوا» بإرسال القتلى والجرحى إلى تركيا.
باراك: لقد تحركنا من أساس الحصار المفروض على العدو فى غزة.

أوغلو: وهل القتلى أعداء؟
باراك: توجد صواريخ كثيرة ولقد تعرض شعبنا لهذه الاعتداءات من قبل ونحن مختلفون مع حماس وليست لنا مشكلة مع غزة.

أوغلو: وهل القتلى وجهوا صواريخ تجاهكم كيف استطعتم قتلهم؟ إن تركيا ليست أى دولة.. تركيا لديها من القوة ما تحمى به مواطنيها.
باراك: نحن نحترم تركيا لأقصى درجة ونقدر الدور الذى تقوم به.

أوغلو: أى احترام هذا؟ وأنتم تقتلون أبناءنا فى المياه الدولية ولا يمكن لأى شخص أن يمس مواطنينا.. إنكم «تناضلون» منذ خمس سنوات من أجل جندى إسرائيلى واحد ومواطنونا بالنسبة لنا أيضا مهمون، وعليكم التعامل معهم باحترام.

هذا هو الدليل الذى ساقته الصحيفة لإقناع القارى بأن كرامة تركيا جرى تمريغها فى التراب، فى حين أن مصر «مسحت البلاط» بالسفير الإسرائيلى. رغم أن مستوى «ذكاء» الطرفين متقارب، إلا أن الدبة التى قتلت صاحبها كانت أصدق وأكثر أمانة، على الأقل لأنها لم تكذب. وكانت هناك حقا ذبابة حطت على وجهه.

فهمي هويدي / جريدة الشروق /12 /6/2010

تعليقات القراء
Novi
Most help articles on the web are inaccurate or inocehrent. Not this!
    
الإسم
البريد الالكترونى
التعليق
 
     ما رأيك فى شكل الموقع ؟
  
هذا الموقع يعبر عن الآراء والأفكار الخاصة بصاحبه ولا ينحاز لأى فئة أو هيئة أو مؤسسة
جميع حقوق النشر محفوظة للكاتب الصحفى عبد الرحمن سعد