1079183   عدد الزوار
Loading...
me@arsaad.com
 |   |   |   |   |   | 
 
  ***  اغتيـال بحيرة: دماء علـى ميـاه "المـنزلة"..التحقيق الفائز بجائزة التفوق الصحفي ج:1   ***  مغامـرة صحفيــة في أنفاق غزة   ***  الحُلم الإسلامي في "إيمانيات الدولة من وحي الثورة"   ***  حاجتنا إلى آداب سورة "الآداب"   ***  جريمة خلف المحكمة الدستورية‏   ***  عندما تذوب المسئولية
 
ÊÍÞíÞÇÊ
فتنة المحامين والقضاة.. البحث في جذور المشكلة
6/18/2010


تحقيق‏:‏عبد الرحمن سعد / بعد التصعيد الأخير بين المحامين وأعضاء الهيئة القضائية‏,‏ بسبب أحداث طنطا‏,‏ وحتى لا يتحول الأمر إلي حوار طرشان لا يستمع فيه طرف إلي الآخر‏.
 كان لابد من العودة لجذور المشكلات المتراكمة بين الجانبين‏,‏ ولماذا أخذت حادثة فردية هذا المنحي الكبير؟
الاجابة هي ان المحامين يرون ان زملاءهم أعضاء النيابة يتعاملون معهم باستعلاء‏,‏ ويتعمدون تعطيل مصالحهم بإجبارهم علي الانتظار فترات طويلة للحصول علي توقيعاتهم أو تأشيراتهم‏,‏ فضلا عن انحرافهم بالسلطة أحيانا‏.‏
من الناحية الأخري‏,‏ يري أعضاء النيابة ان ازدياد عدد المحامين فضلا عن ان نظام الوكالة غير المحدد‏,‏ ناهيك عن التزوير في التوكيلات نفسها‏,‏ هي أمور تقتضي من نقابة المحامين ان تضع حدا لها‏.‏
وبرغم هذه الانتقادات المتبادلة بين الجانبين‏,‏ فإن كلا منهما يقر بخطئه‏,‏ فالمحامون يؤكدون أن قلة فقط من أعضاء الهيئات القضائية هي التي تتعمد وضع العراقيل أمام عملهم‏,‏ بينما يتعلل الأخيرون بحداثة سن هؤلاء الأعضاء‏.‏
وفي كلتا الحالتين يجمع الطرفان ـ عبر التحقيق التالي ـ علي الحاجة الماسة الي تشكيل مجلس مشترك من شيوخ وحكماء الطرفين‏,‏ لتقريب وجهات النظر ووضع أسس جديدة للتعامل المحترم بينهما‏,‏ ومواجهة أي مشكلة تطرأ بين الجانبين أولا بأول‏.‏
في البداية استطلعنا رأي المحامين‏,‏ فماذا قالوا؟
"وسع للبيه يا أستاذ أنت وهو".. هكذا يشق عضو النيابة طريقه كل يوم إلى مكتبه ، وقد جاء متأخرا -أحيانا- بينما المحامون ينتظرونه منذ التاسعة صباحا ، لإتمام إجراءات تستدعيها قضاياهم ، وهو تصرف استعلائي من عضو النيابة بحسب غير واحد من المحامين ، ممن يشيرون أيضا إلى أنه نتيجة لهذه المعاملة الاستعلائية فإنه لا يكون هناك باب مفتوح للحوار بين الطرفين لاستيفاء المتطلبات الخاصة بالقضايا‏ ،‏ وهو حوار مطلوب باعتبار أن الطرفين يتفقان سويا في تطبيق القانون‏.‏
حقوق مطلوبة
محمد السيسي‏ (‏ المحامي بالنقض والأمين العام لنقابة محامي‏6‏ أكتوبر‏)‏  يقول إن مما يعانيه المحامون أيضا عدم تنفيذ النيابة لتعليمات النائب العام فيما يتعلق بحق الاطلاع علي القضايا وتصويرها‏,‏ والحصول علي مذكرة رسمية منها‏,‏ وعمليا يتم حرمان المحامي من الاطلاع الا بعد الانتهاء من التحقيق والتصرف فيه بالمخالفة للتعليمات‏,‏ أو يعطي المحامي صورة ضوئية غير رسمية‏.‏
مشكلة ثانية ـ يؤكد ـ هي الانتظار الطويل أمام غرف النيابات‏,‏ للحصول علي التوقيع أو التأشيرة اللازمة‏,‏ مع ألزامه بتقديم الطلبات في وقت محدد‏,‏ ناهيك عن الفصل بين المحامي والمتهم الحاضر معه‏.‏
والأمر هكذا تنشب بين المحامي ووكيل النيابة‏(‏ حديث السن‏)‏ مشادات ينتج عنها ارتفاع في الأصوات‏,‏ وهنا يتكاتف وكلاء النيابة مع زميلهم‏,‏ وقد يحدث اعتداء علي المحامي‏,‏ سواء بالسب أو القذف‏,‏ أو الضرب‏,‏ علما بأن تحريات المباحث قد تأتي بعدم صحة الواقعة‏,‏ فيتحول الاتهام الي المحامي بأنه هو الذي اعتدي علي عضو النيابة‏.‏
كذلك في كثير من القضايا البسيطة التي يمكن ان يخلي فيها سبيل المتهم من سرايا النيابة ـ يتابع محمد السيسي نفاجا بأن يتم إخلاء سبيل عن طريق قسم الشرطة برغم وجود متهمين آخرين يستطيعون عن طريق سكرتير النيابة الحصول علي إخلاء السبيل من سرايا النيابة‏,‏ وهذا إخلال بشرط النزاهة والاستقلال الذي يجب ان تتمتع به النيابة‏,‏ بالتعامل مع المتهمين بعيدا عن مراكزهم الأدبية‏,‏ والقانونية‏.‏
والمطلوب ـ كما يؤكد ان يلتزم عضو النيابة بتطبيق القانون‏,‏ وبتعليمات النائب العام‏,‏ وألا يغلق مكتبه أمام المحامين‏,‏ وألا يتعمد اهانتهم‏,‏ أمام المواطنين‏.‏
ومثال علي ذلك من حق المحامي ان ينفرد بموكله قبل التحقيق لكن يمنع المحامي في أحيان كثيرة من هذا الحق‏,‏ ويفاجأ بأن وكيل النيابة ينفرد بالمتهم قبل اجراء التحقيق الرسمي‏,‏ وهذا مخالف للقانون‏,‏ فلو التزم وكيل النيابة بالقانون وتمكن المحامي من الاجتماع بموكله قبل التحقيق‏,‏ لزال كثير من العقبات والمتاعب التي تنشأ بين النيابة والدفاع‏.‏
السن‏..‏ والسلطة
متفقا مع الرأيين السابقين يشير أحمد سليم أبو زيد المحامي الي ان السادة وكلاء النيابة ومعاونيهم من الشباب حديثي السن ـ الذين ليست لديهم خبرة كافية بالتعاملات القانونية لدي البعض منهم احساس بالسلطة يفوق ما كانوا يحلمون به في شبابهم‏,‏ ويؤدي بهم الي ان يسيئوا استخدام السلطات المخولة لهم في ثوب التعنت والاستكبار‏,‏ مع شباب المحامين حديثي السن‏,‏ الذين كانوا بالأمس جالسين معهم كتفا بكتف في مدرجات كلية الحقوق‏.‏
وهذا الاحساس بالسلطة والعلو من جهة أعضاء النيابة يقابله الاحساس بالدونية من قبل زملائهم المحامين الذين لم يوفقوا في الالتحاق بالسلك القضائي‏,‏ مما يجعلهم يشعرون بنوع من الحقد تجاههم‏,‏ ناهيك عن الاحساس بعدم تكافؤ الفرص‏,‏ فقد يكون المحامي حاصلا علي تقديرات أعلي من تقديرات عضو النيابة‏,‏ فتحدث بينهما انفعالات تؤجج المشاعر بينهما‏.‏
هناك أيضا تراكمات يحذر منها أحمد أبو زيد نتيجة دخول ضباط الشرطة الي سلك النيابة والقضاء‏,‏ وسرعة انفعال البعض منهم‏,‏ مما ينعكس علي ادائه سلبا‏,‏ وإحساسه الغائب بمسئولية العدالة‏.‏
والحل ـ الذي يراه ـ ضرورة وجود لجنة مستقلة تحت جناحي العدالة‏,‏ بحيث تتكون من شيوخ القضاة وشيوخ المحامين علي ألا يكون أحدهم ممثلا في مجلس إدارة نادي القضاة‏,‏ أو مجلس نقابة المحامين‏,‏ بحيث تقدم للجنة جميع الشكاوي من المحامين أو أعضاء السلك القضائي‏,‏ إذا حدث أي تجاوز من أحد طرفي العدالة‏,‏ علي أن يكون قرارها ملزما للجهة التي تدان‏.‏
وعلي الهيئة ـ يتابع أبو زيد ـ أن تصدر قراراتها علانية‏,‏ بمعاقبة أو براءة من أسندت اليه الشكوي‏.‏
أيضا يجب علي شيوخ القضاة والمحامين اجراء دورات تدريبية للمحامين وأعضاء السلك القضائي في كيفية حسم معاملات جانبي العدالة‏.‏
في سياق متصل يتهم محمد قدري المحامي آليات العمل في النيابة العامة بأنها تؤدي الي عدم قدرة المحامي علي ممارسة عمله بالسرعة والدقة المطلوبين‏,‏ نظرا لان كثيرا من القرارات التي يطلب المحامون الحصول عليها لأداء اعمالهم يستوجب العمل الاداري بالمحاكم التوقيع علي الطلب من السيد وكيل النيابة برغم أن أغلب هذه الطلبات ادارية‏,‏ ولا تقتضي الحصول علي توقيع‏,‏كما ان التعليمات الصادرة من النائب العام لا تتعرض لهذه الموضوعات‏.‏
ضوابط‏..‏ وتقريب
بينما يطالب سمير حلمي المحامي بوضع ضوابط للاحترام المتبادل بين الجانبين‏,‏ يؤيد رمضان عبدالتواب المحامي بالنقض فكرة أن يكون هناك مجلس حكماء لوضع الحلول الحكيمة المتمثلة في ارضاء الطرفين وفق القانون‏.‏
ومن جهته‏,‏ يطالب السيد البدوي المحامي ـ في حالة وجود خصومة بين المحامي والنيابة ـ أن يتم انتداب قاضي التحقيق للتحقيق في الواقعة‏.‏
ويقول خالد السنوسي‏(‏ المحامي بالاستئناف العالي‏)‏ إنه يجب إخطار نقابة المحامين قبل التحقيق مع أي محام‏,‏ في حين يحذر ابراهيم فكري‏(‏ المحامي وعضو جبهة الدفاع عن استقلال نقابة المحامين‏)‏ من تعطل مرفق من أهم المرافق في مصر وهو مرفق القضاء إن لم يتم علاج المشكلات المتجذرة بين الجانبين‏.‏
بينما يطالب محمد عبدالغفار أبو طالب‏(‏ عضو مجلس نقابة المحامين‏)‏ بأن يلتزم الجانبان بالسكوت عن اطلاق التصريحات التي تؤجج نيران الفتنة‏,‏ مؤيدا تشكيل لجنة من شخصيات سيادية داخل البلاد لتقريب وجهتي النظر بين المحامين والهيئة القضائية ممثلة في وزارة العدل ونادي القضاة‏.‏
الرأي الآخر
في مقابل آراء المحامين السابقة‏,‏ يدلي أعضاء هيئة القضاء والنيابة العامة بدلوهم في الموضوع‏,‏ معتذرين عن التصريح بأسمائهم‏.‏
يقول رئيس دائرة جنايات في القاهرة إن هناك بعض التجاوزات التي وقعت مؤخرا من المحامين‏,‏ وحتي نكون منصفين هناك أيضا بعض الأمور التي تتعلق بالجانب القضائي‏,‏ فمن جانب المحامين أري أن أزدياد أعدادهم بما لا يتناسب وطبيعة القضايا‏,‏ مع التحاق الكثيرين منهم بالنقابة دون تأهيل قد أثر بالسلب علي هذه المهنة‏,‏ فالكثيرون منهم يحاولون استمالة المتهمين كالبائع الذي يصطاد الزبائن مما ينعكس بالسلب علي صورتهم‏!‏
وأيضا هناك عدم تنظيم القانون مسألة وكالة المحامين معا يشكل ثغرة ـ يضيف ـ بسبب العديد من المشكلات‏,‏ وهذا ما نراه من امتلاء المحاكم الآن بالعديد من القضايا التي يسيء فيها بعض المحامين استغلال التوكيلات ويقومون باقامة دعاوي قضائية مزورة ضد المواطنين‏,‏ ويحصلون بموجبها علي أحكام قضائية ضدهم وهو ما يسيء بالطبع لهم‏,‏ ويثقل أعباء القضاء بالعديد من القضايا‏.‏
الأمر الآخر ـ يقول رئيس ادارة الجنايات ـ إن هناك بعض المحامين خاصة في المحافظات ممن يحاولون استمالة المواطنين والإدعاء أمامهم بأنهم أصحاب نفوذ لاستغلال هذا الأمر في الدعاية الانتخابية فنجدهم يحاولون الاحتكاك بأعضاء النيابة العامة بالتوصية علي بعض الأشخاص أو غير ذلك من الأمور غير المقبولة‏,‏ والتي يرفضها بالطبع عضو النيابة مما يحدث نوعا من الخلاف‏.‏ ومتفقا معه يقول رئيس دائرة جنايات في الجيزة حتي نكون منصفين هناك بعض الأمور التي تساعد علي حدوث الاحتقان والخلاف بين المحامين وأعضاء الهيئات القضائية منها ترك المسائل الإدارية بين المحامي وسكرتير الجلسة‏,‏ وهذا يساعد علي التحايل وحدوث الكثير من التجاوزات لذلك يجب علي رئيس المحكمة أو عضو النيابة مقابلة المحامي والاشراف بنفسيهما علي متابعة الإجراءات الإدارية‏.‏
فمن المؤسف ـ يتابع ـ أن هناك البعض من الهيئات القضائية ممن يترك هذه الأمور في يد السكرتارية وأنا شخصيا أحرص علي مقابلة المحامين والإطلاع علي طلباتهم وفقا للقانون مع عدم تأجيلها‏,‏ وهذا ما يجب أن يطبق في جميع الدوائر لأن عدم مقابلة المحامين يخلق نوعا من الحاجز لذلك لابد أن تقوم كل دائرة قضائية وأقدم عضو بالنيابة العامة بمتابعة شتي الطلبات الإدارية التي يقدمها المحامون والاشراف عليها‏,‏ وتنظيم عمل السكرتارية‏.‏
من جهته أين الحوار يري رئيس دائرة قضائية باحدي محاكم أسيوط أن المشكلة الحقيقية تكمن في الحساسية المفرطة بين المحامين وأعضاء النيابة بل وضباط الشرطة أيضا‏,‏ وبمنتهي الحيادية أوضح أنه إذا كان هناك شعور مبالغ فيه لدي بعض المحامين بالحساسية تجاه أعضاء النيابة ففي المقابل لا ننكر أن بعض معاوني النيابة صغار السن لا يجيدون التعامل مع المحامين إذ يسمحون بدخولهم اليهم بعد فترات طويلة مما يحدث نوعا من الاحتكاك بينهم‏.‏ ويضيف أن الأمر يحتاج إلي معالجة حكيمة‏,‏ وتعاون متبادل بين شقي العدالة خاصة أن الماضي كان يحمل أروع الأمثلة في التآخي بين أعضاء الهيئات القضائية والمحامين إذ كنا نجد المحامين والقضاة بعد الانتهاء من العمل يجلسون سويا ويتبادلون الأحاديث في ود وحب‏,‏ دون الحديث عن القضية المتداولة بينهما‏,‏ أما اليوم فأصبحت علاقة القاضي بالمحامي يشوبها الكثير من الحساسيات‏.‏
ويضيف‏:‏ أود أن أشير إلي أن رئيس مجلس القضاء الأعلي ووزير العدل هما المنوط بهما التحدث عن القضاة في هذه الأزمة وليس نادي القضاة‏.‏
أخيرا تحدث عضو بالنيابة العامة مشيرا إلي أن ما يزعمه بعض المحامين من سوء معاملتنا لهم غير صحيح فهم غير مدركين لحساسية موقف وكيل النائب العام التي تجعله أحيانا لا يستطيع أن يقابل الجميع‏.‏
أما عن نظرة الاستعلاء فهو أمر في النهاية يخضع لأخلاقيات الشخص بشكل عام‏..‏ بحسب رؤيته‏.‏

تحقيق نشرته جريدة "الأهرام" ، الأربعاء 4 من رجب 1431 هــ   16 يونيو 2010 السنة 134 العدد 45117 ، ص : 5 ، ورابطه هو :

http://www.ahram.org.eg/199/2010/06/16/3/25122.aspx


تعليقات القراء
الإسم
البريد الالكترونى
التعليق
 
     ما رأيك فى شكل الموقع ؟
  
هذا الموقع يعبر عن الآراء والأفكار الخاصة بصاحبه ولا ينحاز لأى فئة أو هيئة أو مؤسسة
جميع حقوق النشر محفوظة للكاتب الصحفى عبد الرحمن سعد