بقلم-عبدالرحمن سعد: مثل ملايين العرب والمسلمين ، لا أستطيع إبراء نفسي ، من مشاعر المرارة ، وأنا أتابع مباريات كأس العالم 2010 المقامة حاليا بجنوب أفريقيا ، نتيجة عدم وجود ممثل للعرب والمسلمين ، في دور الست عشرة ، وعددنا يربو على الثلاثمائة مليون نسمة ، ومساحة بلادنا تتجاوز الإثنين والعشرين مليون كيلو متر مربع ، في حين تتواجد دولة مثل غانا ، ممثلة للكرة الأفريقية في هذا الدور تمثيلا مشرفا ، بعد أن سحقت الولايات المتحدة بهدفين لهدف في مباراة التأهل ، السبت 26 يونيو الجاري
وبينما يغيب العرب والمسلمون عن هذا الحدث الكروي الكوني ، تتواجد أمم العالم من شرقها إلى غربها ، فهذه آسيا ممثلة باليابان ، ومن قبل بكوريا الجنوبية ، وتلكم أمريكا اللاتينية ممثلة بدول عدة ، وهاتيك دول تمثل شرق أوروبا ، وإن كانت الكتلة الشرق الأوروبية قد زالت من على الخريطة !
وللأسف فإنه عندما مثلنا في هذا المونديال -نحن العرب والمسلمين- الإخوة الجرائريون فإنهم ذهبوا بذهنية "الخروج المشرف"، فكان لهم ما أرادوا ، حتى اعتبر البعض مشاركتهم ، لا تمثيلا ، ولا تشريفا ، ويبدو أن حال منتخبهم من حال أمتنا إذ يعانون من عقم الهجوم ، وعدم وجود مهاجمين هدافين ، ومن ثم عادوا بخفي حنين !
ثم لِمَ لا أشعر بالمرارة ، وقد خرج الأمريكيون من البطولة ، لا بأقدام أحفاد المجاهدين ، ولكن بأقدام لاعبي غانا ، حيث تلاعبوا بهم على مدار أربعة أشواط ، هي عمر مباراة 26 يونيو ، فشاء الله أن يذوق الأمريكيون طعم الهزيمة ، وما أقسى طعمها ، بعد أن جرعوه إيانا باحتلالهم -المخالف للمواثيق ، والمعاهدات الدولية- لكل من العراق ، وأفغانستان.
إن يد العدالة الإلهية موجودة بقوة في ملاعب جنوب أفريقيا .. فقد رحلت فرنسا وإيطاليا والولايات المتحدة والجزائر ، وبقيت البرازيل ، والأرجنتين ، وألمانيا وغانا.. ليؤكد ذلك لنا أن كرة القدم صناعة ، واستعداد ، ومجهود ، وليس فقط موهبة ، أو خبطة حظ ، أو هدفا مخطوفا في مباراة
من ثم ، لا سبيل لنا -نحن العرب والمسلمين- لكي نعود إلى منافسات كأس العالم ، بل وللظهور الحضاري العالمي ، والفوز بدرجة "الخيرية" القرآنية ، إلا بالهدف الواحد ، والخطة الواضحة ، وجماعية الأداء ، فالدفاع سويا ، والهجوم سويا ، مع تنفيذ وصية القرآن :"وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة " ، ووصية رسول الله صلى الله عليه وسلم :" المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف".
نأمل أن يمتن الله علينا بجيل عربي جديد ، يقدم كرة قوية ونظيفة ، على أن يكون لنا أكثر من ممثل في المونديال ، وأن تكون كرة القدم العربية قاطرة من قاطرات دفع التنمية الإنسانية والاقتصادية إلى الأمام ، لشعوبنا المرهقة المُبتلاة بغياب العدالة في الاختيار والتوزيع والتمثيل .. حتى في كرة القدم !