بقلم-عبدالرحمن سعد:
هل يمكن أن نستعين بشهر رمضان كمكتسب رباني, ووقود إيماني في دفع مشروع النهضة, والتخلص من التخلف الحضاري؟
أطرح هذا التساؤل, ورمضان يوشك علي التفتح , إذ ينشر خيره, ويشرق نوره, ويلاحق بتأثيره: الفرد والوطن.. النفس والأسرة والمجتمع.
فالكون كله قد تغير لرمضان.. الجنة مفتوحة.. النار مغلقة, والشياطين مقيدة.. فلا سبيل لها الي افساد الناس, ولامجال لتتردي بهم في حمأة الإنحراف.. بل استمساك بالهدي الرباني, والتزام بالأدب النبوي.. سكينة للنفس لاتنفد, وصلاح للمجتمع لاينتهي .
رمضان ـ إذن أداة إصلاح, ووسيلة تقويم, ومعراج نهوض, ونجم صعود.
لو يعلم الناس ما في رمضان, من منافع لتمنوا أن تكون الحياة كلها رمضان, اذ المؤكد, حسبما هو ملموس, أنه الشهر الأقل في الانفلات الأخلاقي, والفساد الاداري, والتناحر الأسري, والضعف الانتاجي.. وفي المقابل هو الشهر الأكثر إنتاجا, وهو شهر الدفء العائلي, والإلتئام الأسري, والتماسك الاجتماعي, والتكافل الإنساني, وهو أيضا: شهر العمل, والجهاد.. الصبر, والنصر.
والأمر هكذا, كم أتمني أن يعكف الدارسون العلميون, والمراكز البحثية علي دراسة مشروع رمضان ، وتحليل ظواهره, واستكناه آثاره.. إذ هو ظاهرة حضارية, لا قضية إيمانية فقط.. وهو يأتي في كل عام, فيبعث في النفس والوطن: آمال التغيير, ومحفزات التجديد, ومنطلقات الإصلاح, وروافع النهضة.
إذا مر رمضان بدون أن يفوز المرء بثماره, أو يتذوق فاكهته, أو يتنسم رياحينه, فلا فائدة ـ بالتأكيد ـ من أي شهر يتلوه, بل لافائدة من الحياة.
رمضان : دقائق غالية, وسطور أثيرة.. نفوس صافية, وظلال حانية.. إحساس قلبي عامر, وتعامل نقي صادق.
رمضان : برمجة إيمانية, وإعادة صوغ للحياة كلها, في مركب من تقوي الله, وزاد من خشيته, وأجنحة من التوكل عليه.
لكن, ماذا لو لم يكن رمضان كذلك.. ليس بهذا الألق والنور.. النقاء والطهارة.. والصفاء والتجويد. والنماء والبهاء.. في نفس الفرد أو المجتمع؟
لو لم يكن رمضان كذلك فلا مندوحة من أن نجعله كذلك, لأنه بالفعل خلق لذلك.
رمضان 1430هجريا24 / جريدة الاهرام / 17 سبتمبر 2009