تحقيق: عبدالرحمن سعد ـ محمد هندي-
يجمع أهلنا في بادية سيناء علي أن البطالة هي أصل البلاء, ويشكون من أنهم يعانون من التمييز في التوظيف والتمليك والتأهيل, متسائلين: لماذا لا يتم تعيين أبنائنا في الأجهزة المختلفة, علي الأقل لمساعدتها في عملها؟ ولماذا لانحظي بأي فرصة للتعيين في وظائف المحافظة والجهاز الإداري فضلا عن المدينة الصناعية الجديدة التي تمت إقامتها في وسط سيناء؟ مطالبين أيضا بتوفير المياه النقية لهم, وتوزيع جزء من الاراضي التي ترويها ترعة السلام عليهم, فيما اعتبر خبراء الاقتصاد مطالبهم مشروعة وعادلة, مقترحين التوسع في تأهيل شباب القبائل للعمل بالأماكن والمشروعات المختلفة, باعتبار ان البطالة خطر علي الأمن القومي في سيناء, لخصوصيتها الحدودية.
تبلغ مساحة وسط سيناء21 ألف كيلو متر مربع, وحسب ماقاله محافظ شمال سيناء اللواء أحمد عبدالحميد فان وسط سيناء يمثل بذلك أكثر من ثلثي المساحة الاجمالية لسيناء البالغة27,5 الف كيلو. أما عدد السكان فيبلغ قرابة57,5 الف نسمة فقط!
سيارة تحقيقات الأهرام شقت طريقها بين مراكز وسط سيناء, انطلاقا من العريش لمسافة90 كيلومترا, الي مركز الحسنة, الذي يمثل وسط سيناء الاستراتيجي.. لاحظنا وجود زراعات الشعير والقمح, التي نبتت علي مياه الأمطار, دون ان تكلف الدولة شيئا.
فتحي تعلب مدير عام التعاون الزراعي بشمال سيناء يشير هنا إلي ان هناك نحو مائة ألف فدان تروي بمياه الأمطار, وتعتبر جاهزة للزراعة, وتكلفة زراعتها اقتصاديا لاتقارن بتكلفة الاراضي في المحافظات الاخري, وعلاوة علي ذلك يمتاز وسط سيناء ـ كما يقول ـ بالجو النقي, وينتشر به أكثر من ثلاثين نوعا من النباتات الطبية والعطرية.
الحسنة... ونخل
وصلنا الي الحسنة.. يقول محمد موسي رئيس المدينة ان مساحتها تبلغ11 ألف كيلومتر, أي ما يقترب من مساحة لبنان. ويتواجد بها كل أنواع الخامات.. أما المياه فمتنوعة.
في نخل, وهي المركز الثاني بوسط سيناء, يقول نصر الله محمد نصر الله نائب رئيس المدينة ان مساحتها تبلغ تسعة ألاف كيلومتر مربع, وعدد سكانها12 الفا وخمسمائة مواطن, أما المحاصيل فجودتها عالية, وخالية تماما من الكيماويات.
التنمية.. بفكرنا
التنمية النابعة منا, عائدها الينا, وتنفيذها بأيدينا
هكذا يقول الشيخ بلال سويلم بلال رئيس المجلس المحلي لمركز الحسنة, مضيفا ان التنمية في سيناء لابد ان تكون بفكر ناسها, الذين يرتبطون بأرضهم أشد الارتباط, مشددا علي انها يجب ان تكون بشرية أولا بايجاد كيانات ادارية في مركز الحسنة بتحويله الي ثلاثة مراكز.
انتقادات.. وطلبات
فيما يقدم الشيخ بلال اقتراحات.. يثير عدد من المواطنين انتقادات
يقول سامي ابراهيم المنيعي( خريج كلية التربية بجامعة الأزهر): نعيش في الصحراء القاسية, ومند عام1990 لم يتم توظيف أي شاب, فليست هناك وظائف فما الحل؟
ويضيف موسي المنيعي: نري مستثمرا يأخذ ألف فدان, بسعر الفدان ألف جنيه بينما الواحد منا يحتاج الي عشرة فدادين فقط, فيطلبون منه15 الف جنيه للفدان الواحد فمن أين له بها؟ ولماذا عدم المساواة بين المستثمرين وأهالي البادية؟
من جانبه يتساءل ابراهيم محمد أحمد: بطول الطريق من رفح الي النقب, وبمحاذاة الحدود, وبطول40 كيلومترا حتي النقب, أين المشروعات التي يتحدثون عنها؟
وكم من أبناء البادية وظفوهم في المدينة الصناعية الجديدة؟
ويقترح طارق حمدان حرب ان يتم توزيع ستين ألف فدان من الاراضي علي ترعة السلام, أو في أي منطقة تحتارها الدولة, علي الاثنتي عشرة قبيلة الموجودة في سيناء, بمتوسط خمسة الاف فدان لكل قبيلة.. مع توصيل الكهرباء الي هذه الارض.
التضحية بآخر ولد
تعاطف شديد يبديه الدكتور رضا عبد الخالق أبو حطب أستاذ ورئيس قسم التنمية الريفية بجامعة قناة السويس ـ مع مطالب أهالي البادية في سيناء, موضحا اننا نهتم بالانشاءات الهندسية, ولانهتم بالانشاءات البشرية والاجتماعية, مع انها الطريق الوحيد لكسب قلوب الناس, ومن هنا يجب اعطاء اهتمام أكبر للتأهيل الكافي لأبناء البادية, محذرا من انه لاتوجد ثقافة نفسية يتمتع بها أهل الوادي الذين يأتون الي سيناء لتنفيذ المشروعات المركزية, بحيث تجعلهم يكسبون الناس بأقل مجهود, عبر مراعاة مكانة شيوخ القبائل.. وعندها سيضحي البدوي باخر ولد.
في المقابل ـ الكلام موصول للدكتور رضا ـ لابد من تأهيل أهل البادية, واعداد كوادر محلية من بينهم, إذ خيركم خيركم لأهله مشددا علي ان سد الفجوة في كفاءة البدو أحد أهم العوامل في نجاح المشروعات.
ويحذر من أنه يجب من الاصل ان لاتكون هناك بطالة في المحافظات الحدودية, لانها في هذه الحالة ستكون خطرا علي الأمن القومي, داعيا الي وضع برنامج للتنمية مرتبط باحتياجات كل منطقة, وتمليك الاراضي, لابناء البادية, بشكل عادل, مع إعادة صوغ تفكيرنا, ووضع برامج تنمية بديلة تعتمد علي العلاقات الانسانية.
عام وسط سيناء
بوضع حصاد الجولة أمام اللواء أحمد عبد الحميد محافظ شمال سيناء, وصف هذا العام بأنه عام وسط سيناء مشيرا الي تقديم أكبر قدر من الخدمات فيه, ووجود قري وسط البادية لاتقل في روعتها عن قري الريف الانجليزي, حيث تمتد الأرض الزراعية علي مد البصر ويتوسطها منزل كبير يشبه الفيلا.
ويضيف: لقد أضأنا22 قرية من اجمالي30 في الوسط, ومن المنتظر حفر عشرين بئرا عميقة لري ألف فدان جديد, واقامة ثمانية مصانع توفر2400 فرصة عمل, إضافة الي الوصول بمياه الشرب الي رفح بنهاية العام, عبر مشروع الألف ميللي القادم من الاسماعيلية, مشددا علي ان المحافظة ليست في حاجة الي عمالة الوادي اذا كانت جائلة أو هامشية أو غير مؤهلة لمشروعات بعينها.
وبالنسبة للبطالة ـ يضيف المحافظ ـ بدأ الصندوق الاجتماعي في تقديم تيسيرات لأبناء وسط سيناء في مجال المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر, وفيما يتعلق بالاسكان من المقرر اقامة700 بيت للبدو علي مدي خمس سنوات بتكلفة اكثر من10 ملايين جنيه, وتم بالفعل تمليك مائتي بيت في18 ابريل الماضي, وهناك مائتان سيتم توزيعها في18 من الشهر الجاري, علما بأن عدد المتقدمين في مشروع: بيت لكل بدوي نحو ألفين وستمائة شخص.
وفيما يتعلق بالتمليك ـ يتابع ـ فان القرار2041 صدر بتمليك الاراضي والمباني بهدف تقنين حالات واضعي اليد.. فلن نوزع ارضا جديدة, وإنما من استصلح ارضا وبقي بها فسوف نملكه اياها.. وهناك ثلاثمائة الف فدان في المحافظة كانت كلها اراضي صحراوية, وتم استصلاحها وتمليكها بهذا الشكل.. مشيرا الي ان تمليك الاراضي ثلاثة أنواع: أراض مبني عليها, وأخري استصلحت, وثالثة فضاء, وهذه الأخيرة ليس هناك قانون في مصر يبيح وضع اليد عليها.
تحقيقات الأهرام/العدد 43990 / 16 مايو 2007