بقلم: عبدالرحمن سعد- يبدو أن حق غير الحاضنين من الآباء والأمهات في رؤية أبنائهم واقعا, تتحول أحيانا إلي رؤي, يطالعون فيها أبناءهم المغيبين بالمنامات, حيث تطاردهم مشاهدهم في أحلامهم دون أن يتمكنوا فعليا من رؤيتهم.
وما يزيد الأمر سوءا أن هذه القضية تمس أكثر من سبعة ملايين طفل مصري, يتزايد عددهم كل ساعة, بحسب أرقام المركز القومي للاحصاء, كما تمس أكثر من مليون أسرة, أوراقها متداولة في المحاكم, والشكوي فيها من استخدام الطرف الحاضن الأطفال العزل أداة للانتقام الشخصي, وتصفية الحسابات مع الطرف الآخر, باستعمال أساليب تتجاوز الإساءة الشخصية, وتشويه السمعة, إلي تسميم آبار الفطرة, والمشاعر السليمة في نفوس الصغار.
ومن أسف أن القانون يقف عاجزا عن الحل, لأنه لم يتغير منذ أكثر من80 عاما, وهو القانون رقم25 لسنة1929, إذ حددت المادة20 منه مدة الرؤية للأبناء بما لا يزيد علي ثلاث ساعات أسبوعيا للطرف غير الحاضن!
وحتي عند تطبيق القانون يصبح الأمر عرضة للتلاعب, والمماطلة, بامتناع الطرف الحاضن عن تنفيذ حكم الرؤية, دون أي مساءلة قانونية, أو تجريم جنائي أو عقوبة رادعة.
ولمن يريد معاينة المأساة فليتوجه إلي أقرب مكتب لمحاكم الأسرة, أو يزور أحد الأندية التي يجري فيها تنفيذ الأحكام, ليري ظواهر العقوق والتدابر وقطع الأرحام, وأنهار الدموع في القلوب قبل الخدود, وحجم المهانة التي يشعر بها كل طرف محكوم له بالرؤية.
والأمر هكذا, يجب تعديل المادة20, بحيث تنص علي زيادة مدة الرؤية لتصبح يوما كل أسبوع بمنزل غير الحاضن, كي تكون هناك فرصة ليتعرف فيها الابن علي أهله, ويتواصل مع ذوي رحمه, فتزكو المشاعر, وتتنزل السكينة, وتنمو المحبة, ويتحقق الدفء, وينشأ جيل جديد نشأة سوية, لا حقد فيها, ولا شعور بالدونية.
كما يجب إضافة نص يقضي بحبس من بيده الصغير إذا امتنع عن تنفيذ حكم الرؤية ثلاث مرات متتالية, وأن تكون الدعوي ضمن الدعاوي المستعجلة, ضمانا لمستقبل أفضل لسبعة ملايين مصري, ومنعا لظاهرة آباء وأمهات مع إيقاف التنفيذ, وصيانة لصغار لا يملكون أدوات التعبير عن التعقيدات النفسية التي تتكون في دواخلهم نتيجة منع ذوي رحمهم من احتضانهم.
* الأهرام / قضايا وآراء/ 16 يوليو 2009