* جرت العادة في الانتخابات السابقات على الاكتفاء بتقديم الطعون أمام مجلس الدولة قبل الانتخابات، وأمام محكمة النقض أو المحكمة الدستورية بعدها.
* وجرت العادة أن يرفض القائمون على مجلس الشعب الاعتداد بهذه الأحكام؛ بحجة أن المجلس سيد قراره.
* وحتى في الحالات التي حكمت فيها المحكمة الدستورية ببطلان المجلس؛ فإن الدستور لم يكن قد تم تعديله بعد بالطريقة المخزية التي تمت في 26 مارس 2007م.
* وحتى لو حكمت "الدستورية" هذه المرة أيضًا بالبطلان، فسيلجئون مرة أخرى إلى حيلة التعديلات الدستورية، ليُفَصِّلون المزيد من مواده على مقاس الإجراءات الانتخابية التي يريدونها.
* وستمر الحكاية وكأن شيئًا لم يكن.. وتهدأ ثورة الغضب، وينشغل الناس بمشاكل وقضايا جديدة، وتمر الجريمة دون عقاب.
* صحيح أن هذه الطعون ضرورية كخطوة لإثبات وقوع جريمة التزوير، ولحل المجلس الباطل إذا تيسر.
* ولكن سيظل سلاح التزوير مصلتًا على رقابنا في كل انتخابات قادمة.
* لذا يتوجب هذه المرة إضافة إجراء جديد لمقاومة هذه الجريمة، وهو الملاحقة الجنائية للمزورين.
*****
وقانون العقوبات المصري غني بالنصوص المعنية بهذا الشأن، والتي تصل في بعض أحكامها إلى الأشغال الشاقة المؤقتة، والتي تسري في وجه كل من:
- كل من زوَّر بنفسه أو شارك أو حرَّض أو ساعد في ارتكاب هذه الجريمة؛ سواء كان موظفًا عموميًّا أو شخصًا عاديًا.
- وكل من استفاد بنتائج التزوير.
- وكل من استعمل المحررات المزورة وهو يعلم بتزويرها.
- وكل من علم بالجريمة وبمرتكبيها ولم يبلغ السلطات.
- وكل من أرهب الناس للتأثير على سير العملية الانتخابية.
كل هؤلاء مُجَرَّمون بموجب القانون، ويستوجب توقيع العقوبة عليهم.
وبتطبيق هذا التوصيف على الانتخابات الأخيرة؛ فإننا سنجد لدينا قوائم طويلة وعريضة تستوجب الملاحقة، قوائم محددة بالاسم والصفة وطبيعة المساهمة في الجريمة.
*****
* وبالتالي مطلوب من كل الناس الطيبين الذين شاركوا في الانتخابات الأخيرة سواء كانوا من المرشحين أو الناخبين، والذين شاهدوا في لجانهم المختلفة تفاصيل الجريمة وكل من ارتكبها.. مطلوب منهم أن يبادروا بتقديم بلاغات إلى النائب العام ضد هؤلاء المزورين بالاسم والصفة، أيًّا كانت وظائفهم أو مناصبهم أو جهات عملهم.
* فإذا تعذَّر على البعض منهم تقديم الأدلة والبراهين اللازمة لإثبات الجريمة، فإن هناك مئات الحالات المرصودة والمسجلة صوت وصورة ومتداولة بين الجميع.. وهناك المئات من الشهود الشرفاء على استعداد للشهادة.
*****
* ولنتذكر جميعًا أن جريمة التزوير هي وجرائم التعذيب وجرائم الحرب والإبادة، كلها من فصيلة واحدة.
* فكل منها تمثل اعتداءً على وجود وأمان الإنسان بشكل أو بآخر.
* وإن كان التعذيب يهدف إلى كسر وإعدام إرادة الضحية، فإن التزوير يغتصب ويعدم إرادة شعب بكامله.
* وإن كانت حروب الإبادة تهدف إلى القضاء على حياة البشر؛ فإن التزوير يقضي على وجودهم الدستوري وعلى دورهم في صناعة مستقبلهم.
*****
* وإذا كان المجتمع الإنساني والجمعيات الحقوقية قد نجحوا في السنوات الأخيرة في تحقيق تقدم كبير في ملاحقة مجرمي التعذيب ومجرمي الحروب، إلى درجة أن الكثير منهم أصبح عرضةً للاعتقال والتوقيف في عدد من بلدان العالم، بموجب أحكام إدانة صادرة ضدهم من محاكم محلية.
* فلماذا لا نلجأ إلى تطبيق ذات الوسائل القانونية على جرائم التزوير ومجرميه.
* فإن نجحنا في استصدار ولو حكم واحد بإدانة أي منهم، فسيرتدع الكثيرون في المستقبل، بما يحد ويقلص من حالة الفجاجة والفجور التي مُورست بها هذه الجريمة في الانتخابات الأخيرة.
* وأظن أنه ببعض الجهد والمثابرة والحرفية قد نستطيع، بإذن الله، استصدار أحكام كثيرة مماثلة.
* وليست هذه بالطبع هي المعركة الوحيدة التي يجب أن نخوضها الآن.
* ولكنها تبقى معركة رئيسية وضرورية.
---------------
* Seif_eldawla@hotmail.com
م. محمد سيف الدولة / موقع : إخوان أون لاين/12/16/2010