بقلم: عبدالرحمن سعد- ما يوحد الصحفيين أكثر مما يفرقهم.. وأمام المجلس الجديد لنقابتهم فرصة ذهبية لجمع كلمتهم على إقامة نظام صحفي جديد، يستند إلى المهنية، والمسئولية، ويكون جديرا بقيادة الجماعة الوطنية، نحو تحقيق أهداف الثورة.
لقد هيمنت قراءة "شخصانية" لنتائج الانتخابات على كتابات كثيرين، ممن لجأوا إلى الفرز الأيديولوجي والسياسي، واختزلوا المشهد الانتخابي في صورة شائهة، من الاستقطاب الحاد ، والمشاعر المريضة ، سواء بالتشفي في المهزوم ، أو التلذذ بنصر موهوم.
وهكذا اختفت بفعل هذه القراءة إيجابيات كثيرة، واكبت تلك الانتخابات، ولعل أبرزها أننا صرنا أمام جيل من الشباب يقود العمل النقابي، ويضخ دماء جديدة في شرايينه.. إذ يمثل الشباب غالبية أعضاء المجلس، بل ويتقدمهم نقيب يناهز الثالثة والخمسين من العمر.
ولأول مرة يتوافق المهني مع النقابي.. إذ لوحظ أن معظم المرشحين أتوا من خلفية مهنية رفيعة.. بل كان عدد منهم من حائزي الجوائز الصحفية؛ بغض النظر عمن فاز منهم بعضوية المجلس في النهاية، وهذا يعني أن المتميزين مهنيا صاروا أكثر اهتماما بشئون نقابتهم، وأنهم باتوا رقما مهما في المعادلة.
هؤلاء المرشحون (غير الفائزين) قدحوا زناد فكرهم، وعرضوا أمام زملائهم برامج تجسد - في مجملها - "رؤية توافقية" لعدد من القواسم المشتركة، تمثل عامل توحيد بين عموم الصحفيين، بحيث يمكن البناء عليه، والاصطفاف حوله، فضلا عن كونه بوصلة يهتدي بها المجلس الجديد، في إبحاره نحو المستقبل.
يندرج تحت هذه القواسم المشتركة.. الموزعة بين برامج المرشحين (أكثر من مائة).. مطالب تشريعية، ومالية، وخدمية ؛ تحظى بإجماع الصحفيين كافة.
وتشمل تلك المطالب أو الأولويات - في الجانب التشريعي - إلغاء عقوبة الحبس في قضايا النشر، وسن قانون جديد للصحافة، وآخر لحرية تداول المعلومات.
وفي الشق المالي تشمل: زيادة بدل التكنولوجيا، ورفع نسبة التمغة المخصصة للنقابة عن الإعلانات، وإعادة هيكلة أجور أعضائها، بما يحقق استقلالها المالي.
وتشكل المطالب الخدمية والمهنية عامل توافق ثالثا بين برامج المرشحين، سواء على صعيد العلاج أو التكافل أو الأنشطة الاجتماعية أو الترويحية، أو التثقيف أو التدريب، أو التركيز على "المهنية"، أو الحد من تدخل السلطات ورأس المال في توجيه السياسات التحريرية، والتأثير على استقلال الصحفي.
وبجانب تلك القواسم المشتركة تبرز أفكار متفردة وبناءة مثل تبني إنشاء صندوق للطوارئ، ومعهد للتدريب، وناد لأصدقاء الصحافة من المصادر المتميزة، إلى جانب مكافحة الفساد بالمؤسسات القومية، واستمرار دعم الحريات، وتشكيل لجنة للتضامن مع الصحفيين عند تعرضهم للمشكلات، والسماح لأصحاب المعاشات بالإدلاء بأصواتهم ، مع تدبير فرص عمل لمن توقفت صحفهم عن الصدور..إلخ.
وكلها أفكار تنتظر من المجلس الجديد أن يدمجها في بوتقة واحدة ، وأن يضع لتنفيذها جدولا زمنيا ، على طريق الارتقاء بالمهنة، والنهوض بأصحابها.. وربما افتقر بعضها إلى آليات عملية؛ لكن الطريق إلى المستقبل المشرق للمهنة يبدأ بالأفكار الجيدة، والإرادة المشتركة.
المصدر : الأهرام
التاريخ : الجمعة 15 من ذى الحجة 1432 هـ 11 نوفمبر 2011 السنة 136
الرابط:
http://www.ahram.org.eg/Free-Opinions/News/112161.aspx