بقلم: عبدالرحمن سعد- تكمن عظمة الإسلام في أنه يقدم حياة تخلو من المشكلات في الجنة، وحياة تقل فيها المشكلات في الدنيا. قال تعالى: "ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير". (الملك:14)، وقال تعالى: "وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ". (النحل:89)، وقال سبحانه: "ما فرطنا في الكتاب من شيء". (الأنعام:38).

هذا المعنى العظيم نطق به الصحابي الجليل ربعي بن عامر رضي الله عنه عندما دخل على على كسرى ملك الفرس، إذ قال له كسرى: "ما الذي جاء بكم؟ فأجاب ربعي: "جئنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد؛ ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة؛ ومن جور الأديان إلى عدالة الإسلام".

وأول حل قدمه الإسلام.. حل مشكلة العقيدة وفسادها.. بعبادة البشر للبشر، وعبادة البشر للصنم والحجر.. جاء في القرآن: "أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمْ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ". (يوسف:39).
 
فالإسلام فكرة للتحرر.. قال الشاعر محمد إقبال: "أيها الشادي بقرآن كريم.. في ركن من البيت مقيم.. قم وأبلغ نوره للعالمين.. قم وأسمعه البرايا أجمعين.. إن تكن في مثل نيران الخليل.. قم أسمع النمرود توحيد الجليل".

وجاء الإسلام حربا على الظلم السياسي وطغيان الحاكم واستبداده، ولنا أسوة في قصة موسى عليه السلام مع فرعون. قال تعالى: "وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ. قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ". (الشعراء:10 و11).

وقضى الإسلام على التفرق، ودعا إلى الوحدة.. وقدمت المؤاخاة بين المهاجين والأنصار،  وبين الأوس والخزرج؛ نموذجا عمليا للقضاء على التفتت الداخلي، إذ كان العرب قبل نزول الإسلام متفرقين، فجمعهم الله تعالى بالألفة والمحبة على وحدة الهدف. قال سبحانه: "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا". (آل عمران).

كما اهتمَّ الإسلام بعلاج مشكلة الفقر، فجعل للفقراء والمساكين نصيباً في أموال الأغنياء، وفرض الزكاة، وقاتل أبو بكر مانعيها، وتوعد صلى الله عليه وسلم من بات شبعان، وجارُه إلى جواره جائع، وكان يستعيذ كثيرًا من الفقر.

وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لأن يأخذ أحدكم أحبُله أو فأسه فيذهب إلى الجبل فيحتطب ويحمل على رأسه فيبيع فيغنيه الله خيرٌ له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه". (صحيح ابن ماجة).

وقدم الإسلام الحلول الواقعية للمشكلة الاجتماعية، وعالج شهوة الجنس. قال تعالى: "وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً". (الإسراء:32)، وحسم مشكلة المرأة، إذ كانت ممتهنة، وكان الرجل يظلمها في الجاهلية فأنصفها الإسلام إنصافا عظيما.

وأخيرا عالج الإسلام مشكلة الأمن بالإيمان. قال تعالى: "الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمْ الأَمْنُ". (الأنعام-82)، فأول أسباب الأمن الإيمان بالله وحده، ثم إقامة الحدود على المفسدين في الأرض، حفظا للأمن.

والأمر هكذا، لم يكن غريبا أن يقول الفيلسوف الروسي تولستوي عن الرسول صلى الله عليه وسلم: "ما أحوجنا في هذا العالم المليء بالمشكلات إلى رجل مثل محمد.. يحل جميع مشكلات هذا العالم، وهو يحتسي فنجانا من القهوة".. فما بال تولستوي لو كان نظر في الإسلام.. ماذا كان سيقول عن عظمته في حل مشكلات العالم أجمع؟

المصدر : الأهرام

التاريخ: الجمعة 5 من صفر 1433هـ   30 ديسمبر 2011 السنة 136 العدد 45679

الرابط:

http://www.ahram.org.eg/Free-Opinions/News/121919.aspx