عبد الرحمن سعد-أسوان: حذر خبراء آثار وسياحة مصريون من أن استمرار الاعتصامات والإضرابات في مصر أدى إلى تراجع أعداد السائحين والزائرين للمعابد والمناطق الأثرية، ووصفوا عام 2011 بأنه أحد أسوأ الأعوام السياحية التي مرت على البلاد منذ عقود، في وقت شكا فيه عاملون بقطاع الآثار من البطالة وأن السياحة الداخلية لم تحل المشكلة.
وفي زيارة للجزيرة نت إلى محافظة الأقصر ومحافظة أسوان (على بعد 879 كيلومترا جنوب القاهرة) لوحظ أن عدد السياح قليل مقارنة بالفترة نفسها من الأعوام الماضية، برغم أن فبراير/شباط هو أحد شهور الإقبال السياحي (إلى جانب ديسمبر/كانون الثاني ويناير/كانون الأول).
وقد تفاوت الإقبال بين محدود بمعابد أبو سمبل في أسوان ومتوسط بمعبد الكرنك في الأقصر، وهو أكبر المعابد المفتوحة في العالم.
وقال مدير الآثار بالأقصر وأسوان الدكتور أحمد صالح إن المصريين من أوائل الشعوب التي ثارت ضد الظلم، ومن ذلك ثورتهم ضد حكم بيبي الثاني قبل الميلاد بألفي عام، كما أنهم قاموا بالمظاهرات الصامتة والمتكلمة وعلى ضوء الشموع أمام المعابد، لكن بعد نجاح ثورة 25 يناير آن لهم أن يتوقفوا عن الإضرابات والاعتصامات.
وأضاف -للجزيرة نت- أنه بعد الثورة مباشرة ظل السياح يأتون بأعداد متفاوتة. وقال "كنا نستقبل أكثر من ثلاثة آلاف سائح في اليوم بمعبد أبو سمبل، والآن يتراوح العدد بين 600 و800 يوميا. ويرجع السبب -وفقه- في هذا التناقص إلى استمرار الاعتصامات وتعطل حركة المواصلات والقطارات من وقت لآخر.
ويبدو الغضب الشديد مما يحدث في القاهرة والمحافظات من قلاقل أمنية، على وجه حارس الآثار كمال مهران، الذي قال -للجزيرة نت- إنه يعمل منذ 22 سنة، وراتبه يبلغ 725 جنيها (نحو 120 دولارا)، وبرغم ذلك فإنه وزملاءه لم يفكروا في إضراب أو اعتصام لأنهم يعلمون أن الحكومة الحالية لتسيير الأعمال وأن البلد بحاجة إلى الصبر والبناء.
خسائر بالجملة
ويكشف الخبير السياحي خالد عبد المجيد أن قطاع السياحة في مصر خسر نحو 16.5 مليار دولار، خلال العام الماضي فقط وأن شركات سياحية كثيرة اضطرت إلى إنهاء تعاقداتها وأخذت تصرف لعامليها نصف الراتب فقط، فيما قامت شركات أخرى بتصفية أعمالها.
وبغضب تساءل "من أين تأتي السياحة، أمن قطع الطرق في وقت يبحث فيه الزائرون عن الراحة والمتعة؟".
ويقول الخبير إنه يمتلك شركة فنادق عائمة، وفي إجازة نصف العام (قبل أيام) نظموا رحلتين لنزلاء مصريين، ولدى وصولهم إلى هويس إسنا فوجئوا بغلقه أمام 300 فندق عائم تملكها 150 شركة، بسبب اعتصام عمال يطالبون بتثبيتهم، ويتساءل "هل هذا معقول؟".
أصحاب البازارات
أما البازارات (المحلات التجارية) فقد جلس أصحابها في انتظار زائرين بعد أن أصاب الركود أعمالهم. وشكا أحمد محمد محمود (صاحب بازار بجوار معبد أبو سمبل) من قلة السياح مع الإيجارات المرتفعة لمحالهم وغياب العدالة الاجتماعية التي نادت بها الثورة.
وشاركه الرأي محمد عبد النور (عامل في بازار مجاور) بالقول "إن أحداث ميدان التحرير والاعتصامات توقف أحوالنا، مع أننا أحوج طائفة لنعتصم، ولنطالب بحقوقنا، لكن هذا ليس وقت اعتصامات، وكل مصري وطني يجب أن ينصرف للعمل والإنتاج".
قبل الثورة وبعدها
وعلق محافظ أسوان مصطفى السيد على المشهد بالقول "عام 2011 كان الأصعب على السياحة في مصر نتيجة الانفلات الأمني، وقد تراجعت بسببه نسبة الإشغال الفندقي بالأقصر وأسوان، وتأثرت الدورة الاقتصادية مثل المراكب والفنادق والمطاعم".
وأكد أن الحل هو استرجاع الهدوء الأمني، مطالبا مجلس الشعب بسن تشريع يقضي بسجن من يقطع الطريق أو يعتدي على مؤسسة عامة، مدة لا تقل عن 25 سنة أو يتم إعدامه بحسب جرمه، "لأن ما يحدث حاليا من فوضى صادر عن قلة غير مسؤولة".
وأشار محافظ أسوان -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن عودة الحركة السياحية، وجذب المزيد من الاستثمارات يتوقف على استقرار الوضع الأمني، والوقف الفوري لظاهرة قطع الطرق والسكك الحديدية والمظاهرات الفئوية.
المصدر:الجزيرة
التاريخ: الاثنين 28/3/1433 هـ - الموافق 20/2/2012
الرابط:
http://www.aljazeera.net/news/pages/51867f2c-ceb4-4af9-82da-f1623c760148