1079191   عدد الزوار
Loading...
me@arsaad.com
 |   |   |   |   |   | 
 
  ***  اغتيـال بحيرة: دماء علـى ميـاه "المـنزلة"..التحقيق الفائز بجائزة التفوق الصحفي ج:1   ***  مغامـرة صحفيــة في أنفاق غزة   ***  الحُلم الإسلامي في "إيمانيات الدولة من وحي الثورة"   ***  حاجتنا إلى آداب سورة "الآداب"   ***  جريمة خلف المحكمة الدستورية‏   ***  عندما تذوب المسئولية
 
ÇáÃÑÔíÝ ãÞÇá Çáíæã
صانعو التغيير
3/10/2012

بقلم: عبدالرحمن سعد-بعد الشتاء يأتي الربيع، وبانقضاء الصيف يحل الخريف، وفي أعقاب الليل يبزغ النهار، وتطارد الشمس القمر، ويبدد النور الظلام، وتنبت الأشجار بثمر مختلف ألوانه، ويعقب الحياة موت وبعث ونشور.

كل شئ في الكون يتغير، ولا تكاد تمر لحظة إلا وهناك خلايا تتجدد بكل كائن حي..أنا أتغير (وأغير) إذن أنا موجود..التغيير ثورة شاملة على كل ظلم وفساد، وخطايا، واستبداد، وانحراف، وتخلف؛ سعيا نحو إصلاح شامل يقضي على الآفات، ويحقق الآمال والذوات.

فالتغيير قضية وجودية.فلا أحد يحب أن يأكل الطعام عينه كل يوم، ولا أن يرتدي الملبس ذاته كل وقت، ولا أن يظل طفلا سِنِي عمره.
فهل جاءت الثورة بالتغيير حقا؟ وأي تغيير تقتضيه؟ وهل تحقق؟

إنه سؤال الساعة..إذ الثورة تغيير رشيد. وأسوأ ما يمر به وطن، وأخطر ما يهدد ثورته، الانصياع لمقولة إنه لا داع للتغيير، أو إن أوانه فات، أو إنه حدث بالفعل (لمجرد تغيير رأس النظام)، أو إنه ينبغي تأجيله، أو إن نتائجه أسوأ.

لكن: ماذا يريد المصريون تغييره.. ذلك أن مشاركتهم جميعا في التغيير، وإحساسهم بأنهم جزء أساسي منه؛ لهو أمر ضروري لنجاح مشروع التغيير، ولا يتحقق ذلك إلا بوضع مصالحهم في قلبه، بحيث تكون هناك معايير واحدة، وقواعد حاكمة، وخطوط استرشادية للتغيير الإبداعي المرجو في كل مؤسسة وكيان وعنصر من عناصر الدولة.

وبمشاركتهم تلك سيكونون أكثر سعادة وإنتاجا، لأنهم سيدركون دورهم في عملية التغيير المستقبلي بشكل واضح، وبالتالي سيسهمون في إرساء دعائم المستقبل.

وهكذا يكون واهما من يتوقع تغييرا كاملا وسريعا، بين يوم وليلة.. فالمثل الانجليزي يقول :"لا يؤكل الفيل بقضمة واحدة".

وحتى تجارب الأنبياء والرسل قد استغرقت فترات زمنية تراوحت بين ثلاث وعشرين سنة، كما في تجرية الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.. ونحو تسعمائة وخمسين سنة (في تجربة نوح عليه السلام).

المهم وجود مشروع للتغيير يقوم على البناء والريادة، لا على الانتقام، والتشفي.

وقد كان هدف الرسالات الدينية هو إحداث التغيير في حياة الناس للأقوم.. جاء في القرآن :"إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم"، وعلى ذلك قامت دعوات الأنبياء والرسل.. وهو التغيير لهدف واضح :"اعبدوا الله ما لكم من إله غيره"، والنتيجة :"خلود في الجنة، ونعيم مقيم".

والتغيير وسيلة لا غاية.. قال تعالى :"إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم". وتبين الآية أن التغيير عملية طويلة، تنبع من النفس، وتقتضي الإرادة الصادقة.. لذا تنوعت تجارب الأنبياء، ووسائلهم، وخططهم، في التغيير، وجمعت بينها وحدة الهدف، وسلامة المقصد، والتفاني في الأمر.

ولا بأس بالتغيير إذا كان بطيئا طالما أنه يحدث تأثيرا عميقا في البنية الأساسية للنظام القائم.
ومن الأهمية وضع أولويات للتغيير، وأن يبتعد عن آفة الشخصنة، سواء شخصنة الأفراد أو القوى السياسية. وليس المهم من يقود التغيير.. المهم أنه يقوم بالتغيير الرشيد.

ويتحقق التغيير بأيدي الناس، لمصلحة الناس. والوضع الطبيعي أن يمر بالخطوات التالية: أولا : تحديد مفهومه، وثانيا: امتلاك إرادته، وثالثا: توضيح الهدف منه، ورابعا: إرساء خطواته، وآلياته، ومداه الزمني، وأخيرا: التقويم الدوري للأشخاص، والإجراءات المتخذة بشأنه.

فإذا أسقطنا هذه الضوابط بشكل واقعي على التغيير في الفترة الانتقالية التي مرت بها مصر بعد الثورة نجد أنها جسدت خطايا سوء إدارة عملية التغيير في الفترات الانتقالية لأي أمة.

فقد كان لابد من الانطلاق من الوضع القائم، ومعرفة نقاط ضعفه وقوته، وتقديم البديل المناسب له بعد إزاحته (تقديم كشف حساب عن المرحلة السابقة).. لكن هذا لم يحدث.

وكان لابد من وضع خطة محكمة للتغيير، وتحديد العناصر ذات الكفاءة التي ستقوم بتنفيذه، علاوة على تنمية الثقة به (التغيير) في النفوس، وعزل أعدائه، ومحاولة تحييدهم، أو كسبهم إلى جانب التغيير.

ولابد أيضا من تقليل تكلفة التغيير، وتجنيب الناس (لا سيما الضعاف منهم) الأعباء المترتبة عليه (نموذج يوسف عليه السلام في التغيير: تزرعون).. ونموذج ذي القرنين (ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة).

والتغيير يحتاج إلى استعداد نفسي كبير، وبيئة محفزة توفر له المحضن المناسب، مع القدرة  على الإقناع، وإتباع الأساليب الذكية في التخطيط والإدارة، وقياس الأداء، ومحاسبة من لا يعمل، فضلا عن إدارة أداء الأفراد، وقياسه، والحد من  المشكلات، علما بأن التغييرات الصغيرة تحدث في النهاية تغييرا كبيرا.

ولأن هناك مقاومين كثيرين للتغيير، فلابد من محاولة احتوائهم، وبناء علاقات قوية معهم، انطلاقا من ضرورة القيام بالتغيير دون مشكلات مفاجئة أو طارئة أو غير متوقعة.

ويلجأ مقاومو التغيير عادةً إلى تشويهه، والإساءة لسمعة القائمين عليه ، وتزييف الحقائق، ونقل المعلومات المضللة، والتشكيك في النيات، فضلا عن المعارضة العلنية للتغيير، ومحاولة تضليل الجماهير، والإساءة لنزاهة من يقودونه..كما فعل أقوام الأنبياء معهم.

ويمثل الثوار -أحيانا- خطرا على الثورة نفسها بغياب هذه المفاهيم عنهم، ومحاولتهم القيام بالتغيير دون إشراك الشعب فيه أو في صنعه.. مبررين ذلك بأن من يقوم بالتغيير أقلية تقود الجماهير نحو التغيير أولا، أي أن الجماهير -في نظرهم- تُقاد، ولا تقود.

لكن الواقع يقول إن أي تغيير لا يكون الشعب المصري طرفا رئيسا فيه لن يُكتب له النجاح.. والدليل على ذلك فشل أنظمة الحكم الثلاثة المتعاقبة منذ سنة 1952؛ لأنها اعتمدت نظاما سلطويا أبعد ما يكون عن إشراك الشعب في الحكم.

ولا تبرر صعوبة إدارة التغيير في الفترة الانتقالية ما قام به المجلس الأعلى للقوات المسلحة من دخول إليها بدون كشف حساب يحدد فيه أين تقف الدولة من حيث تركها النظام السابق تركة ثقيلة في عنقه على جميع المستويات.

الأمر الثاني أن المجلس امتلك رؤية خاطئة للتغيير، اعتبر بمقتضاها أن تخليص البلاد من مخطط التوريث هو "غاية المراد من رب العباد".

بينما الثورة لم تقم للقضاء على التوريث فقط، وإنما قامت لإحداث تغيير شامل في مفاصل الدولة والمجتمع معا. والتوريث ملف من مئات الملفات التي تقتضي التعامل معها، وإحلال بديل أفضل لها.

في المقابل تعجل الشباب التغيير، وراحوا يضغطون على المجلس من أجل إتمامه سريعا، دون عقل ولا روية، أي أن كليهما أساء التعامل مع ملف التغيير الثوري، ومن ثم آن للشعب أن يقول كلمته، وأن يسترد ثورته، ليحدث التغيير الأكيد والرشيد، بتبني أفضل مشروع، يرتقي بمصر إلى آفاق المستقبل.

المصدر: الأهرام
التاريخ: الجمعة 16من ربيع الاخر 1433 هـ   9 مارس 2012 السنة 136 العدد 45749

http://www.ahram.org.eg/Free-Opinions/News/135908.aspx


تعليقات القراء
احمدكمال سعدمحمدحسن ابن اخوك كمال
ماهى مطالب الثورة
    
احمدكمال سعدمحمدحسن ابن اخوك كمال
1-محاكمةالرئيس المخلوع بالاعدام شنقا 2-تحقيق مطالب اهالى الشهداء
    
الإسم
البريد الالكترونى
التعليق
 
     ما رأيك فى شكل الموقع ؟
  
هذا الموقع يعبر عن الآراء والأفكار الخاصة بصاحبه ولا ينحاز لأى فئة أو هيئة أو مؤسسة
جميع حقوق النشر محفوظة للكاتب الصحفى عبد الرحمن سعد