بقلم: عبدالرحمن سعد- مع بدء العام الثالث لقيام الثورة المصرية يواجه صحفيو مصر عددا من التحديات التي يجب على مجلسهم ونقيبهم المقرر انتخابهم في أول مارس المقبل التعامل معها بجدية، وحرفية. ويأتي في مقدمتها التحدي التشريعي المتمثل في قرابة خمسة تشريعات جديدة تنتظر سنها في الأشهر المقبلة، هي: قانون تنظيم الصحافة ، وقانون نقابة الصحفيين، وقانون حرية تداول المعلومات، وقانون تشكيل المجلس الوطني للإعلام ، والهيئة الوطنية للصحافة والإعلام.
وتطالب الجماعة الصحفية بتشكيل مجلس وطني خاص للصحافة، منفصل عن الإعلام الفضائي والإذاعي، فضلا عن تعديل قانون العقوبات فيما يتعلق بمنع الحبس في جرائم النشر، وضمان حقوق العاملين في أي صحيفة تتعرض للغلق بحكم قضائي.
وهناك التحدي المتعلق بضوابط القيد بجداول النقابة، وتحديد من هو الصحفي الذي يستحق العضوية، إذ من المتوقع مع العمل بالدستور الجديد للبلاد، وما نص عليه من إصدار الصحف بالإخطار، أن يتم إصدار عدد كبير من الصحف، وبالتالي سنكون أمام عدد ضخم ممن يطلبون قيدهم بجداول النقابة، مما سيؤدي إلى مضاعفة عدد الصحفيين بمصر خلال السنوات المقبلة، وهذه عملية تحتاج إلى ضوابط كثيرة، خاصة أن البعض يطالب بأن يكون القيد بمجرد الإخطار!
ويرتبط بذلك أيضا مشكلة الزملاء العاملين في الصحافة الإلكترونية، والمنتسبين إلى المهنة ممن يعملون على هامشها في غير إصدارات صحفية، وهؤلاء جميعا يتطلعون للحصول على عضوية النقابة، وهو أمر يحتاج إلى حلول تحقق مصلحة الجميع، بما يضمن القضاء على العشوائية التي باتت تتسرب للوسط الصحفي، وضرورة الحفاظ على "هيبة المهنة".
والتحدي الثالث الذي يواجه الصحافة التزامها بالجانب الأخلاقي في ممارساتها المهنية، وإعلاء قيم الصدق والأمانة والإنصاف والدقة في الأداء، الأمر الذي يتطلب تفعيل ميثاق الشرف الصحفي، ووضع آلية داخلية في النقابة للتقويم الذاتي، والتنبيه للأخطاء الصحفية، والعمل على تداركها سريعا، على أن يشارك في هذه الآلية شيوخ الصحافة.
والتحدي الرابع الذي يواجه الصحفيين زيادة إسهامهم في التنمية المجتمعية، ودعم الإعلام التنموي، وهو دور للنقابة والصحفيين تأخر كثيرا بعد الثورة، برغم تزايد معدلات الفقر والعوز في المجتمع. وهنا أتبنى فكرة تخصيص جائزة لأفضل عمل صحفي عن قضية تنموية محلية.
وأخيرا: لا ننسى التحدي المالي الذي يواجه النقابة، إذ ما زالت تعاني من عجز في ميزايتها، بالرغم من الحل الجزئي لأزمة زيادة المعاشات وبدل التدريب والتكنولوجيا، إذ تعهدت وزارة المالية بإدراج نحو 35 مليون جنيه للنقابة مع بدء العام المالي الجديد في يوليو المقبل، إلا أن التوقعات تشير إلى أن البدل سيصل إلى ألف وخمسين جنيها، وهو مبلغ يحتاج إلى دعم وتثبيت في المستقبل، علاوة على تحقيق الحُلم التاريخي للصحفيين بزيادة نسبة ما تحصل عليه نقابتهم من حصيلة الإعلانات، وكذلك من قيمة التمغة الصحفية، علاوة على تكوين "شبكة أمان" تضمن ألا يقل الحد الأدنى لدخل الصحفي عن مبلغ معين، وضرورة الاستمرار في زيادة المعاشات، وتحسين نوعية الخدمات العلاجية المقدمة، وتيسير الحصول على قروض ميسرة، وخدمات مختلفة؛ لتوفر للصحفي، وأسرته، في النهاية، حياة كريمة.
إنها تحديات عاجلة تواجه الصحفيين، بجانب تحديات أخرى كثيرة تنتظرهم. ولعل المجلس المقبل للنقابة يتمكن من مواجهتها، بإذن الله، ثم بإرادة الجمعية العمومية، ووحدة أبنائها.
المصدر: الأهرام
التاريخ: الجمعة 27 من ربيع أول 1434 هـ 8 فبراير 2013 السنة 137 العدد 46085
الرابط:
http://www.ahram.org.eg/1168/2013/02/08/59/199040.aspx