1027144   عدد الزوار
Loading...
me@arsaad.com
 |   |   |   |   |   | 
 
  ***  اغتيـال بحيرة: دماء علـى ميـاه "المـنزلة"..التحقيق الفائز بجائزة التفوق الصحفي ج:1   ***  مغامـرة صحفيــة في أنفاق غزة   ***  الحُلم الإسلامي في "إيمانيات الدولة من وحي الثورة"   ***  حاجتنا إلى آداب سورة "الآداب"   ***  جريمة خلف المحكمة الدستورية‏   ***  عندما تذوب المسئولية
 
إسلاميات
التعايش حياة وعبادة
06/02/2013


بقلم: عبدالرحمن سعد- التعايش من الموضوعات المهمة، التي يكثر تناولها في وسائل الإعلام، وتحتاج إلى طرحها على بساط الحديث، في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ الوطن، لا سيما بعد الثورة وتوابعها، وما أحدثته من هزة عنيفة في المجتمع، إذ بدون التعايش يبرز الخلاف، وربما التحارب، بين أبناء الوطن، وبالتالي : تنهيار الأمة، ويضيع الدين.


لقد كان أحد شعارات الثورة المصرية :"عيش..حرية..عدالة اجتاعية..كرامة إنسانية". وجاء في ديباجة الدستور الجديد :"نحن جماهير شعب مصر، وقد جهرنا بحقوقنا الكاملة :"عيش حرية عدالة اجتماعية كرامة إنسانية" مشفوعة بدماء شهدائنا، وآلام مصابينا، وأحلام أطفالنا، وجهاد رجالنا ونسائنا".


هكذا نحتاج إلى صناعة التعايش فيما بيننا، والطريق إليه يبدأ من ترسيخه في ذواتنا، بالاتساق مع أنفسنا، ثم ترسيخه بيننا نحن المسلمين، بحيث نلتزم بالاخوة الإيمانية، ثم تأصيله مع المخالفين في العقيدة والمذهب.


ولأهميته، وردت كلمة "عيش" في القرآن الكريم ثماني مرات، بمشتقات ثلاثة. ومن هذه الثماني خمس مرات تتحدث عن عيش الدنيا، ومعيشتها، وثلاث مرات عن العيش في الآخرة، على طريقة القرآن في التوازن بين الدنيا والآخرة.


عن الدنيا جاء قوله تعالى "معاشا": مرة واحدة في "وجعلنا النهار معاشا". (النبأ:11)، فيما وردت كلمة "معيشة" ثلاث مرات، منها مرتان تخصان الدنيا على النحو التالي: "نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا".(الزخرف: 32)، وقوله تعالى :"وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها". (القصص:58)، بينما وردت كلمة "معايش" مرتين، كالتالي :"ولقد مكناكم في الأرض وجعلنا لكم فيها معايش".(الأعراف:10)، وقوله تعالى :"وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين". (الحجر :20).


والمقصود بالمعايش: المطاعم ، والمشارب ، والملابس، وجميع ما تستقيم به الحياة البشرية. في الوقت نفسه حدثنا القرآن عن نوعين من العيشة والمعيشة، كما في قوله تعالى :"فهو في عيشة راضية * في جنة عالية".(الحاقة:21، و22). وقوله :"فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية". (القارعة:7).و"العيشة الراضية" ذات الرضا التي تأتي على حال يرضاها صاحبها.


وهناك "المعيشة الضنك"، التي تحدث عنها القرآن في قوله تعالى بسورة طه: "وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى".(طه:124)، وهذا وعيد شديد لمن أعرض عن ذكر الله، فتكون معيشته ضنكا، وإن كان ذا مال كثير وسعة، نظرا لما يقع في قلبه من الضيق والحرج والمشقة، فلا ينفعه وجود المال، ثم يُحشر يوم القيامة أعمى.


هكذا ارتبط "العيش" في القرآن بالدنيا، والنهار، والأرض، وبالتحذير من بطر المعيشة، وبالارتباط بين ثقل موازين الدنيا بالحسنات، والعيشة الراضية، وعلى العكس ارتبط الإعراض عن الذكر بالمعيشة "الضنك".


هذا في القرآن، أما عن اللغة فيُشتق التعايش من مادة "عيش" في المعجم، والعيش هو الحياة. والتعايش (على وزن تفاعل)، ويفيد وجود علاقة متبادلة بين الطرفين، والاشتراك في الحياة الواحدة على الألفة والمودة.


أما اصطلاحا فيقصد بالتعايش: العيش المتبادل مع الآخرين القائم على المسالمة والمهادنة. وقد يعبر عنه بعبارات: التسامح، التقارب، التساكن، التكامل، التلاقي، التجانس..إلخ.


ومن منظور شرعي يُعتبر التعايش عبادة من أجل العبادات، لأنه يرتبط بالوازع الديني، ومراقبة الله. فالمسلم يمارسه بدافع التقوى، والإيمان بالله عز وجل، ومصدره في هذا الوحيان: الكتاب والسنة. وبدايته إيمان المسلم بجميع ما أنزل الله من كتاب، وما أرسل من رسل.


وللتعايش بين أفراد المجتمع ثمرات كثيرة، فهو سبب لنشر التماسك والانسجام فيما بينهم، كما أنه سبب لتحقيق الرفاهية والمصالح المشتركة وتقاسم الثروات والعيش الرغيد، فضلا عن استقرار المجتمع، واستتباب الأمن، ونشر الدعوة الإسلامية نتيجة اختلاط غير المسلمين بالمسلمين، وتفهمهم لطبيعة الإسلام السمحة، ومعرفتهم بمبادئه العظيمة، التي تظهر بوضوح في حرص المسلم على الاعتراف بالمخالفين، ومساعدة الآخرين، واحترام الجيران، وحسن التعامل مع البشر كافة، بغض النظر عن أجناسهم، وألوانهم، وعقائدهم.


وللتعايش نوعان: نوع مشروع يُؤخذ من نصوص الكتاب والسنة، وهو وسيلة من وسائل دعوة غير المسلمين للإسلام، ويُبنى معهم في حالات السلم على البر، والتسامح، والتعامل الحسن، وتأمين مصالحهم الدنيوية، وتمكينهم من المشاركة في خدمة المجتمع، والعمل على تطويره ورفعته، والمحافظة على أمنه واستقراره.


والنوع الثاني تعايش ممنوع، وهو المخالف للكتاب والسنة، ومن مظاهره: الدعوة لما يُسمى بوحدة الأديان، ومبادلة المعتدين الحب والمودة، وأمور أخرى ذكرها أهل العلم، وتشتد حرمتها إذ غلب الجهل وضعف الإيمان على النفوس.


المصدر: الأهرام

التاريخ: الجمعة 15من صفر 1434 هـ 28 ديسمبر 2012 السنة 137 العدد 46043

الرابط:

http://www.ahram.org.eg/1126/2012/12/28/59/191246.aspx


تعليقات القراء
الإسم
البريد الالكترونى
التعليق
 
     ما رأيك فى شكل الموقع ؟
  
هذا الموقع يعبر عن الآراء والأفكار الخاصة بصاحبه ولا ينحاز لأى فئة أو هيئة أو مؤسسة
جميع حقوق النشر محفوظة للكاتب الصحفى عبد الرحمن سعد