الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة الفساد أمس الأول جاء فرصة جيدة للتذكير بخطورة الفساد علي مستقبل البشرية، وسعادتها، حتي يصح إن يقال إنه هادم السعادات، ومفرق المجتمعات. لقد أصاب بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة حينما قال بهذه المناسبة إن التصدي لمشكلة الفساد أصبح أكثر إلحاحا، محذرا من أنه يقوض حقوق الإنسان والحكم الرشيد، ويكبح عجلة النمو الاقتصادي، ويتسبب في اختلال الأسواق، قائلا إن منعه شرط حاسم لكفالة سيادة القانون.
وبرغم أن انتشار الفساد كان أحد عوامل اندلاع ثورات الربيع العربي، إلا أن أحدث تقرير لمنظمة الشفافية الدولية (صدر قبل أيام)، أظهر أن ثلثي الدول الـ176 التي شملها المسح جاءت دون50 درجة، فيما يتعلق بمستويات الرشي، وإساءة استغلال السلطة، والتعاملات السرية، مما يعني أنها فاسدة بشدة.
والواقع أن الفساد كله شر، سواء كان سياسيا، أو ماليا، أو اقتصاديا أو إداريا، إلا أن أسوا ألوانه فساد الضمير والأخلاق، لأن من شأنه تخريب النفوس، وتقويض الأمم، وهدم المجتمعات، فيقدم الفرد علي ارتكاب ما يخالف تقاليده، وبيئته، وعقيدته، وثقافته.كلها تحثه علي أن يعيش لغيره كما يعيش لنفسه.
إن البشرية اليوم، وهي تستشرف مستقبلها، تتطلع إلي الانتصار علي هذا العدو اللدود، الفساد، وأن تستيقظ ذات يوم، فلا تري رموزه ممسكة بمقاليد السلطة، أو مسيطرة علي مقدرات شعوب، كما هو حاصل الآن، في الكثير من بقاع الأرض.
ولن يتحقق ذلك إلا بإدراك أن الفساد ليس قدرا محتوما، وإنما يمكن القضاء عليه، برفع الأصوات عاليا في مواجهته، وإماطة اللثام عن مظاهره القبيحة، وتحويل أحلام اجتثاثه إلي حقائق، بحيث يترجم ذلك في النهاية في صورة برامج حكومية جادة في مكافحته، وغير متراخية في تطبيق القوانين، كي تتحقق آمال مليارات البشر، في الحياة الرغدة، والعيش الكريم.
المصدر: افتتاحية الأهرام
التاريخ: الثلاثاء 27 من المحرم 1434 هـ 11 ديسمبر 2012 السنة 137 العدد 46026
الرابط:
http://www.ahram.org.eg/Issues-Views/News/187879.aspx