بقلم: عبدالرحمن سعد: "اللهم دبر لي فإني لا أحسن التدبير".. دعاء أحوج ما نكون إليه في كل وقت. وهو ينقسم إلى نوعين: "تدبير لله"، يجب أن نكله إليه. و"تدبير للنفس"، يجب أن نحسنه. وكلاهما عبادة لله.
"يدبر الأمر".. صفة من صفات الله، وصف بها نفسه، أربع مرات في القرآن. والأمر هنا يشمل كل أمر. وفي هذه المرات الأربع اقترن تدبير الله بالرزق، وخلق السماوات والأرض.
قال إبن عطاء الله السكندري :"أرح نفسك من التدبير.. فما قام به غيرك لك لا تقوم به أنت لنفسك".. فماذا إذا كان هذا "الغير" هو ربك سبحانه وتعالى؟
إننا عندما نحسن الظن بتدبير الله، ونطمئن لتدبيره، لأنه (يدبر الأمر)، سيأتي الله بفرجه، وفتحه، ونصره، كما رأينا مصداق ذلك في حياة الأنبياء، والأمم.. فقد أنقذ تعالى إبراهيم -عليه السلام- من النار بتدبيره، وأنقذ موسى -عليه السلام- من بطش فرعون، بتدبيره أيضا.
كما أمرنا الله بحسن التدبير لأنفسنا، " فالتدبير للنفس عبادة"، على أن يكون تدبيرا ممدوحا، يهتم فيه المرء بإصلاح شأنه، لدنياه وأخراه، كتصحيح التوبة، وتبرئة الذمة، قياما بواجب شكر المدبر. وقد قيل:" فكرة ساعة خير من عبادة سبعين سنة".
ويمثل النبي يوسف -عليه السلام- أروع مثال للتدبير المشروع.. فبإخلاصه لله وفقه سبحانه إلى حسن تدبير شئون مصر، فأخرجها من أزمتها الطاحنة.
أما التدبير المذموم، فهو كالتدبير في تحصيل معصية، أو وجود غفلة، أو إهدار طاعة، أو إفسادها، بوجود رياء أو سمعة، ونحو ذلك، فكله مذموم.
وهناك فارق بين التخطيط والتدبير، فالتخطيط تصور نظري استشرافي، بينما التدبير تنفيذ وإنجاز وتطبيق.
ويؤدّي حسن التدبير إلى النظرة المستقبليّة الواعية للأمور، ويؤدي دوراً مشهوداً في نفاذ بصيرة الإنسان، بما يمكنه من تحقيق أمورٍ مهمّةٍ في حياته، مثل: الاستثمار الصحيح لأمواله، وحفظ عزّة نفسه، والحرص على سلامتها.
أما سوء التدبير فله عواقب وخيمة، من قبيل: عدم الاستقرار، والضَّياع، والتبعيّة الفكريّة، والفقر، وفقدان نظم الحياة، والفساد الخلقيّ، والتخلّف، والذلّة، والانحطاط الخلقي، والسلوكي.. إلخ.