1079180   عدد الزوار
Loading...
me@arsaad.com
 |   |   |   |   |   | 
 
  ***  اغتيـال بحيرة: دماء علـى ميـاه "المـنزلة"..التحقيق الفائز بجائزة التفوق الصحفي ج:1   ***  مغامـرة صحفيــة في أنفاق غزة   ***  الحُلم الإسلامي في "إيمانيات الدولة من وحي الثورة"   ***  حاجتنا إلى آداب سورة "الآداب"   ***  جريمة خلف المحكمة الدستورية‏   ***  عندما تذوب المسئولية
 
ÇáÃÑÔíÝ ãÞÇá Çáíæã
سيدة الفجر
4/29/2010

كل يوم أراها لدى عودتي من أداء صلاة الفجر في المسجد القريب.. سيدة متلفعة بثوبها الأسود، تمر مسرعة ، وتقف عند كل صندوق قمامة.. تستخرج منه أشياء سريعة، ثم تمضي سريعا على استحياء إلى الصندوق الذي يليه.
ما سر هذه السيدة، التي تقوم بهذ الرحلة يوميا، وفي كل مرة أتسلح فيها بالجرأة لأستوقفها، وأعرف قصتها ، أصرف نظرا عن ذلك، وآخذ طريقي قافلا إلى المنزل.
اليوم قررت أن أواجهها، وانتهزت فرصة انهماكها في فرز القمامة التي راكمها بعضهم في مواجهة العمارة التي أقطن بها.. كنت قد أديت صلاة الفجر، وأردد آخر آية قرأها الإمام في سورة يونس :" فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح المجرمون"(17).
كنت أتساءل بيني وبين نفسي :"ها هم المجرمون أفلحوا في إفساد حياتنا".. ثم أعود فأقول :"إنه وعد الله ، لا يخلف الله وعده، وما دام توعدهم سبحانه بأنه :"لا يفلح المجرمون"، وبرغم أننا لا نعرف كيفية عدم الفلاح، إلا أنه يلازمهم يوم القيامة، والله أعلم بكيفية عدم فلاحهم في الدنيا.
السلام عليكم.. ألقيت التحية على سيدة الفجر فردت عليَّ السلام.. أمعنت فيها النظر فوجدتها سيدة قد تجاوزت الستين من عمرها.. قلت لها :" أراك كل يوم تطوفبن على صناديق القمامة فماذا تعملين؟ وما ظروفك؟
قالت: كما ترى..توفي زوجي، وتزوج ابني، وأعيش وحيدة، وليس هناك من ينفق علي.. لذا أصلي الفجر كل يوم.. ثم أطوف على صناديق القمامة، حيث أقوم بجمع زجاجات البلاستيك والزجاج في هذه الشنطة.. قلت لها: وتجمعين غيرها من الكراتين و.. قاطعتني قائلة: أنا أختار البلاستك والزجاج فقط حتى أتمكن من حملها .. وأضافت: أحيانا أجمع بقايا الطعام لو كانت صالحة مثل العيش أو الجبن.. وآكلها.. وأنا أسترزق من بيع ما أجمعه بعشرة أو خمسة عشر جنيها، كلما جمعت منها كمية.
• ألا تأخذين معونة من أي جهة؟
أجابت بتركيز، وصوت دافيء : يا بني.. الله أحنّ علىَّ من الناس .. وهوه اللي بيرزقني ويرزقهم.. وأنا أحب أن أعتمد على نفسي في لقمتي، وأهي بالمرة ممارسة للرياضة، ولكي لا أمد يدي إلى أحد. والحمد لله أنا مستورة.
اكتفيت بهذا الجزء من الحديث مع تلك السيدة العظيمة، وتركتها  وأنا أفكر.. يا له من نموذج لسيدة مصرية..كبيرة بشرفها وكرامتها، وكبيرة باعتمادها في لقمتها على جهدها برغم تقدمها في السن.
أهدي هذا النموذج لتلك السيدة المسنة إلى بطرس غالي وزير المالية الذي قبل بعلاجه بكل صلافة على نفقة الدولة.. وإلى حاتم الجبلي وزير الصحة الذي قبل بعلاج زوجته بقرار من رئيس الوزراء، وهو رئيس مستشفى "دار الفؤاد"..وإلى وزير الإسكان الأسبق محمد إبراهيم سليمان الذي رأى أنه شيء عادي أن يقوم بتوزيع أراضي الدولة على أقربائه ومعارفه.
حقا : "ليس الغنى عن كثرة العرض.. وإنما الغني غنى النفس"، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فيا لها من مُعدمة غنية، ويا لهم من وزراء فقراء.

عبدالرحمن سعد-الخميس 29 أبريل 2010 / 15 جمادى أولى 1431ه.





تعليقات القراء
الإسم
البريد الالكترونى
التعليق
 
     ما رأيك فى شكل الموقع ؟
  
هذا الموقع يعبر عن الآراء والأفكار الخاصة بصاحبه ولا ينحاز لأى فئة أو هيئة أو مؤسسة
جميع حقوق النشر محفوظة للكاتب الصحفى عبد الرحمن سعد